الملك فاروق يهنئ الشعب بقدوم رمضان
اهتمت أسرة محمد على منذ توليها حكم مصر بالأعياد الدينية اهتماما كبيرا، وكانت لملوك العائلة الملكية طقوسا خاصة في شهر رمضان، وتعتبر فترة الأربعينيات أزهى العصور الملكية احتفالا بالشهر الكريم.
كان الملك فاروق حاضرا بشكل دائم للاحتفالات الرسمية، فما إن تعلن المحكمة الشرعية ثبوت الرؤية حتى يسارع الملك إلى تهنئة الشعب بقدوم الشهر الفضيل، ولقاء شعبه، كما جرت العادة بأن يوجه رسالة إلى شعب مصر فور ثبوت الرؤية.
وتنص هذه الرسالة، كما نشرتها جريدة الأهرام في صدر صفحتها الأولى في أول يوم من رمضان عام 1939:
«شعبي العظيم.. أبعث إليك وإلى إخواننا المسلمين في العالم الإسلامي بتحيتي، وأهنئكم جميعا بشهر رمضان المبارك الذي كتب علينا صيامه، لما في الصوم من تهذيب النفوس وتطهير القلوب وجمال الصبر وبث الرحمة والخير والتكافل بيننا.
شعبي المحبوب.. الليلة نستقبل شهر رمضان المبارك فرحين بما أتانا الله من نعمة الدين وعزة الوطن، إليك شعبي الكريم أقدم تهنئة صادرة عن قلب يفيض إيمانا بالله وحبا لرسوله ورعاية لك وثقة بك وعطفا عليك، يقول الله جل شأنه وتقدمت ذاته وتعالت صفاته (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)، وامتثالا لأمره جل شأنه أذكر نفسي وإخواني المسلمين بالاعتصام بالصيام لما فيه تهذيب للنفس ورياضة لها على احتمال المكاره، وعلى الصبر الذي هو أكبر الأخلاق القويمة لحياة الأمم.
وإنه ليشرح صدري في هذه الليلة المباركة أن أسأل الله جلت قدرته أن يمدنا بعونه وناصيته، وأن يجعل مجهوداتنا القومية مقرونة بالتوفيق، وأن يعلي دينه ويعلي قدر الوطن.. نعم الهادى ونعم المعين.
لقد أقبل رمضان والعالم يعاني محنة الحرب، فاتجهوا إلى الله تعالى لعل الله تعالى يكشف عن عباده الضر، وادعوه تعالى أن ينصر قضية الحق التي نؤيدها بقلوبنا».
بعد الخطبة تقام مائدة ملكية للحضور من أبناء البلد لتناول وجبة السحور، وكان الملك يتوسط ضيوفه عادة على الموائد الرمضانية طوال الشهر الكريم.