رئيس التحرير
عصام كامل

عدونا الأكبر الذي نتجاهله!


كم رجوت لو كانت فتحت قمة السعودية الأخيرة صفحة جديدة في ظل ما عانته أمتنا ولا تزال من سنوات عصيبة، حتى لا تتسع هوة الخلافات وتزداد الشقاقات.. كم رجوت لو تمت مراجعة الحسابات وتقديم الفواتير ولنترك الحساب للتاريخ.. فما أحوجنا إلى تنظيم صفوفنا وسد ما فيها من ثغرات لاستئناف مسيرة القضاء على الإرهاب والفقر والعنف.. ونبدأ معركة التنمية والتعمير..


متى تعود ثقة بعضنا في بعض.. وننحي خلافاتنا جانبًا ونعطي لمعاول الهدم إجازة حتى لا يهدم بعضنا بعضًا، ونخلق ألوانًا من الخرائب.. لماذا نصر على الغرق في الخلافات الصغيرة التي شغلت ملايين العرب دون جدوى، وألهتنا عن قضايانا المصيرية.. لما لا يعمل العرب فيما اتفقوا عليه ويعذر بعضهم بعضًا فيما اختلفوا فيه..

لماذا لا نحاكي تجارب النجاح فيما حولنا؛ فاليابان مثلًا تناست اعتداء أمريكا عليها بالسلاح النووي وتعاونتا اقتصاديًا لمصلحة شعوبهما، بينما العرب يصرون على توسيع هوة الخلاف بلا جدوى.. لماذا لا نركز على عدونا الأكبر الخطر الحقيقي الذي يهدد وجودنا والذي يعقد البعض معه صفقات سرية للأسف ويدفع في اتجاه اختلاق أعداء وهميين وصناعة خصوم جدد.

لقد أضعنا عشرات السنين في معارك كلامية ووفرنا للدعاية الصهيونية مليارات الدولارات كانت ستنفقها لتفرق بيننا.. لكننا تفرقنا بأيدينا وأزهقنا بأيدينا أرواح الآلاف من العرب وشردنا آلافًا آخرين وهدمنا آلاف البيوت.. وأنفقنا المليارات على شراء السلاح الذي نقاتل به بعضنا بعضًا بدلا من إنفاقها على تنمية الإنسان العربي وتعليمه وصحته وتدريبه والنهوض بالبيئة وتوفير الموارد ولا سيما المياه التي نعاني فيها فقرًا كبيرًا قياسًا بالمستويات العالمية.

تعالوا نسحب أمضى الأسلحة من أيدي أعدائنا ألا وهو التفرق والانقسام والنزاع.. تعالوا نواجه مجلس الأمن المنحاز ضد قضايانا، نواجه المجتمع الدولي بأمة عربية موحدة متعلمة واعية منتجة، تملك قوة المعرفة وسلاح العلم في مواجهة عدوها، تدافع عن قضاياها بقوة الإيمان والاتحاد والاعتصام بالعروبة.. أمتنا تملك مقومات التقدم.. فقط ينقصها الإرادة والرغبة في قهر التحديات حتى لا تخرج من التاريخ بلا رحمة ولا رجعة.. فالعالم لا يبكي على الضعفاء!
الجريدة الرسمية