رئيس التحرير
عصام كامل

تأبين أدبي للعراب


سيكون هذا أول مقال لي -منذ كتابتي للمقالات الصحفية- لا أكتبه منفردًا، فالوسط الثقافي بأجمعه فقد أبًا روحيًا لجيل يعتبر من أكبر الأجيال عددًا في المثقفين أو الأدباء. فالجيل الحالي من الشباب ودع بأكمله من تربوا على أعماله الأدبية وأفكاره الثقافية والتي كانت تمتاز بالسهل الممتنع.


بالضبط، أتحدث عمن جعلني أفهم إنه لا اعتراض بين طريقين في الحياة وهم في حياتي أنا أيضًا، كوني طبيبًا، وكوني كاتبًا، -العراب- د. أحمد خالد توفيق.

العراب يعتبر الأب الروحي للجيل المشارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير، نظرًا لأن هؤلاء الشباب، وجدوا القدوة والمثال الحسن لمثال الشخص الناضج فكريًا والقريب أدبيًا لعقولهم.

كان يعمل دائمًا على أن يساعد الشباب حتى ينضخ فكرهم، ولكن دون استخدام فلسفة بعض الكتاب أو الأدباء -واعتذر بالطبع عن المقارنة لأنه كان منفردًا في منطقته- في استخدام ألفاظ معقدة تجعل الشاب يمل القراءة.

ولكن دكتور أحمد خالد توفيق، جعل الشباب يحبون ويفكرون وينضجون أيضًا، أتذكر عندما قال ذات مرة: إن بعض الشباب كانوا يجاوبون في امتحانات العملي في كليات الطب كما كان يذكر الإجابة في مقالاته أو كتبه.

بل أيضًا كل من تربوا خارج مصر في فترة مراهقتهم في التسعينيات وأوائل الألفينيات، عندما أتوا لمصر، ندموا أن فاتهم الكثير من أدب وروائع العراب.

ربما ليس كل من حزن على العراب كان من رواد كتبه ومقالاته، ولكن كل من قرأ أو تابع بعض الأعمال سيعرف أننا بالفعل خسرنا قامة كبيرة جدًا في الوسط الثقافي، كما قالت لي صديقتي وزميلتي هالة منير. وربما يكون خير تعبير سمعته عن العراب بعد انتقاله كان لنجلاء خاطر -الكاتبة- وهو رجل لحم أدمغتنا من خيره.

ولفت نظري صديقي أحمد مسعد - القاص والروائي لأدب الرعب- إلى أن العراب هو من ألهمنا وغرس فينا حب الكلمة والعمق بين العبارات الأدبية. فصديقي مسعد ذكر لي، أن العراب أخبره بأنه ينتظر عمله الأول عندما قابله منذ فترة، وبالفعل كان عمله المشترك مع سامي ميشيل -خطايا آدم- طرح في معرض القاهرة للكتاب في الدورة السابقة.

ربما لن نستطيع أن نوفيك حقك علينا، يا أبانا الذي جسده تحت التراب وروحه في السماء وفكره الأدبي مغروس كالأزهار وشجر السنطة في عقولنا جميعًا.

فلو تحدثت عن ذاتي أنا بولا وجيه، لن أقول سوى أنك دون قصدِ غيرت فكرتي عن الطب، وأنه سيلهيني عن حبي للأدب، بل أيضًا جعلتني شغوفًا بتلك المهنة والتي لا تقل قدرًا في الشرف مثل الكتابة، وسأكون فخورًا عندما يكتب قبل اسمي "دكتور" مثلك، حتى لا أنسى أني طبيب، كما فعلت أنت.

وكما قالت صديقتي وأستاذتي الروائية الكبيرة شيرين هنائي، نحن وراءك وسنحفظ غيبتك، وسيحفر اسمك في قلوب أولادنا وأحفادنا، لأن من يشبهك يستحيل أن ينسى.

فأنت من علمتنا الحياة، وحبها، والثقافة، والعلم، وكل شيء.

سلامًا لروحك يا عراب.
الجريدة الرسمية