ما بين الفشل والنجاح.. ماكرون سنة أولى حكم في فرنسا
"مهمتي أن أعيد للفرنسيين الثقة في أنفسهم التي ضعفت" كانت هذه أولى عبارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي بدأت بها حكمه للبلاد، ولكن بعد اقتراب مرور أول عام على حكمه، نجد أن الرئيس الشاب نجح في بعض السياسات واستطاع إبراز دجولته كدولة قائدة بالمنطقة بمرة أخرى وفشل في أخرى والتي قللت من شعبيته لدى شعبه.
واستطاع ماكرون تحقيق بعض الإنجازات الدبلوماسية الملموسة خلال عامه الأول، وتمكن من أبرزا نجم فرنسا مرة أخرى كدولة تأثيرها فى الساحة العالمية خصوصًا الوطن العربي، وكشف استطلاع سنوي، يدرس مدى تأثير النفوذ العالمي غير العسكري للدول، عن أن فرنسا احتلت المرتبة الأولى في الدول الأكثر تأثيرًا في العالم كقوة ناعمة تحت حكم ماكرون متجاوزة بذلك بريطانيا والولايات المتحدة.
مبادرات ماكرون
ونجح ماكرون في إطلاق عدد من المبادرات على الصعيد الخارجي وإحراز نجاحات دبلوماسية واضحة، حيث وجه الدعوة في 14 يوليو للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل المشاركة في احتفالات العيد الوطني،، وكانت تلك الدعوة بنظر المحللين تدخل ماكرون للعب دور الوسيط مع نظيره الأمريكي ترامب لتفادي ازدياد عزلة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، خاصة بعدما أعلن ترامب في يونيو الماضي انسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ.
كما وجه ماكرون الدعوة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة فرنسا، لافتتاح معرض في فرساي، بمناسبة حلول الذكرى الـ300 لزيارة القيصر بطرس الأكبر إلى فرنسا عام 1717، وهدف ماكرون من هذه الزيارة إلى فتح صفحة دبلوماسية جديدة في العلاقات المتوترة بين موسكو وباريس، كما سعى إلى تعزيز علاقته بالصين وهدف إإقامة علاقة شخصية مع نظيره شي جينبينج وبناء تحالف في ملفات تمتد من البيئة إلى مكافحة الإرهاب مرورا بموضوعي كوريا الشمالية وسوريا.
الزيارات
أما الزيارات الخارجية خلال 100 يوم، فتوجه ماكرون في أول زيارة خارجية بعد تنصيبه بأيام إلى ألمانيا، حيث التقى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في العاصمة برلين.
وفي أول زيارة إلى المغرب، خرق ماكرون تقليدا منذ عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، فالجزائر كانت دائمًا المحطة الأولى في زيارات الرؤساء الفرنسيين إلا أن ماكرون سار في اتجاه آخر وقام بزيارة المغرب أولًا ثم الجزائر، كما زار ماكرون مالي مرتين منذ توليه الحكم، وأشرف على افتتاح القمة الخماسية لدول غرب أفريقيا.
تأثيره العربي
ولم يترك الرئيس الصغير أزمة بالمنطقة العربية وإلا وجعل لفرنسا دورًا بها، فخلال أزمة احتجاز الأمراء السعوديين تدخل للإفراج عن رجل الأعمال الوليد بن طلال، كما دعا العاهل السعودي الملك سلمان لتهدئة حدة الحرب باليمن ورفع الحصار لدخول المساعدات.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، رفض اعتراف ترامب بالقدس كعاصمة لدول الاحتلال، وأكد تضامنه مع الشعب الفلسطيني، وقال "ستقف إلى جانب فلسطين في الأشهر المقبلة، كما حدث في بركسيل من أجل مواصلة الحوار مع إسرائيل"، ومن فلسطين للبنان، حيث دعا لزيادة قدرات الجيش اللبناني، والتعاون معها بشأن الأزمات التي تواجهها.
وحاول ماكرون الاعتدال في علاقته بالدول، بحيث يحتفظ بعلاقة جيدة مع الجميع، فدعا لإنهاء الأزمة الخليجية، واتخذ خطوات من شأنها التعاون مع قطر لتعزيز الحرب على الإرهاب، كما دعا لحوار بين العراق بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان في إطار الدستور العراقي، وكذلك لى تفكيك كل الفصائل المسلحة به، بما في ذلك قوات الحشد الشعبي.
القضية الليبية كاانت الملف الأكثر قوة، حيث نجح ماكرون من خلال المبادرات والدبلوماسية الإماراتية والمصرية بهذا الملف في تحقيق نجاح دبلوماسي في ملف القضية الليبية، بعد أن تمكن من جمع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وقائد الجيش الليبي الوطني المشير خليفة حفتر.
إضرابات بالداخل
يبدو أن الصعيد الداخلي ليس بتلك الردجة من النجاح، فقد غمرت فرنسا الإضرابات احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادي، وانتهى اليوم الإضراب الذي دعت إليه النقابات العمالية الرئيسية في قطاع السكك الحديدية والذي استمر والذي بدأ أمس الخميس، وسبقه عدة إضرابات، وسيليه إضرابات أخرى، فأعلنت السكة الحديد عن تنظيم إضراب 3 في 7 و10 و11 أبريل.
كما تراجعت شعبية ماكرون بسبب عدد من الإجراءات الداخلية التي لم تلقَ قبولًا واسعًا في الشارع الفرنسي، حيث كشف أحدث استطلاع للرأي "هاريس إنتريكاتيف" عن انخفاض شعبية ماكرون إلى 51%، بينما انخفضت شعبية رئيس وزرائه إدوارد فيليب إلى 49%.