رئيس التحرير
عصام كامل

طارق عامر وفريقه يفكون شفرة الاقتصاد.. السياسة النقدية تحكم قبضتها على التضخم.. البنك المركزي يدفع عجلة الاقتصاد والتنمية.. واجتماع الغد يهدف لخفض الفائدة بنسبة تتراوح ما بين 1 إلى 2%

طارق عامر محافظ البنك
طارق عامر محافظ البنك المركزى

لاقتصادنا الوطني حراس وجنود، في شارع الجمهورية يقع واحد من أهم مراكز صناعة القرارات في البلاد، إنه البنك المركزي المصري، وداخل أروقته الكثير من الجنود المجهولين الذين يعملون في صمت لما فيه صالح هذا الوطن، تحت قيادة أفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المصرفي طارق عامر الذي يعد المسئول الأكثر تأثيرا على الاقتصاد الوطني منذ توليه المسئولية حتى هذه اللحظة.


الجنود المجهولون
"لجنة السياسات النقدية" أحد فرق الجنود المجهولين داخل أروقة البنك المركزي، المنوط بها اتخاذ القرارات اللازمة لإصلاح وإدارة السياسة النقدية لاقتصادنا الوطني.

تلك اللجنة التي تجتمع بصورة دورية كل 40 يوما تقريبا لتتخذ القرارات اللازمة لإدارة سياستنا النقدية وما يترتب عليها من تغيرات تؤثر بصورة مباشرة على قوة اقتصادنا، فهي أحد أهم أذرع البنك المركزي والمسئولة عن تحقيق أحد أهم أدواره.

أهداف وأدوار البنك المركزي
قد لا يعلم عدد من المواطنين أن للبنك المركزي عدة أهداف وأدوار، فلا يقتصر دور ذلك الجهاز المهم على إصدار النقد فقط، بل يمتد ليشمل الإشراف والرقابة على البنوك العاملة في السوق المحلية وفروع البنوك الوطنية بالخارج، فضلا عن إدارة السياسات النقدية للسيطرة على التضخم ودفع عجلة الاقتصاد والتنمية في الوطن.

وهنا يبرز الدور المهم الذي تلعبه لجنة السياسات النقدية بقيادة المحافظ، من أجل السيطرة على التضخم وتعزيز نمو الاقتصاد الوطني.

مفهوم السياسة النقدية
ولكي ندرك أهمية الدور الذي تقوم به اللجنة يجب أن نلقي الضوء على مفهوم السياسة النقدية، الذي يمكن أن نعرفه بإيجاز بأنه إدارة المعروض النقدي في السوق من حيث زيادة حجم النقد المتداول، وذلك حال اتباع سياسة توسعية أو خفض حجم النقد المتداول، وذلك حال اتباع سياسة انكماشية، وهو ما ينعكس بصورة قوية ومباشرة على معدل ارتفاع الأسعار ومعدل نمو الاقتصاد، وأهم الآليات نحو تنفيذ ذلك يكمن في تحديد سعر الفائدة.

رفع الفوائد لخفض حجم السيولة
ببساطة شديدة، فإن اتخاذ قرار برفع معدلات الفوائد يعمل على خفض حجم السيولة في السوق وارتفاع حجم المدخرات، مما يخفض معدلات الطلب فتنخفض الأسعار بالتبعية، والعكس صحيح، فإن خفض معدلات الفوائد يعمل على زيادة حجم السيولة في السوق مما ينعكس إيجابيا على معدلات الإنتاج والتوسع في حركة التجارة.

لذا، فإن قرار اللجنة بتثبيت أو خفض أو زيادة معدلات الفوائد ينعكس على المجتمع والدولة بصورة مباشرة، لما له من تأثير مباشر على قدرة الأفراد والشركات على الاقتراض والادخار، فضلا عن تأثيره القوى على الدين العام المحلي.

ولجعل الصورة أكثر وضوحا للقارئ، دعونا نوضح أن الفائدة نوعان، فائدة دائنة وهي قيمة الزيادة في المدخرات والناتجة عن استثمار البنك لأرصدة العملاء خلال فترة معينة، وفائدة مدينة وهي ما يستحق للبنك عن استفادة العملاء بالقروض والتسهيلات بمختلف أنواعها خلال فترة معينة.

فإذا أقرت لجنة السياسات النقدية خفض معدلات الفوائد (دائنة ومدينة) فإن ذلك سينعكس في صورة انخفاض في نسب الفوائد المطبقة على الأوعية الادخارية والتسهيلات المصرفية على حد سواء.

قرار السياسة النقدية وارتفاع الأسعار
ويتأثر قرار لجنة السياسات النقدية دوما بمعدلات ارتفاع الأسعار، أو ما يسمى مصرفيا بمعدل التضخم، ولذلك نجد أن انخفاض معدل التضخم يكون بمثابة مؤشر تعتمد عليه اللجنة نحو إقرار معدلات الفوائد في الأجل القريب.

وذلك ما حدث بالفعل بالاجتماع السابق للجنة يوم ١٥ فبراير الماضي، حيث أقرت اللجنة خفض أسعار العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بمقدار 1% ليصبح 17.75% و18.25% على الترتيب وذلك عقب الانخفاض السنوي للتضخم العام ليسجل ١٧.٠٧ %، وهو ما يعكس نجاح المركزي في إدارة السياسة النقدية لمواجهة التضخم والسيطرة عليه، عقب الإجراءات الإصلاحية القوية التي بدأت بتحرير سعر الصرف في نوفمبر ٢٠١٦.

التحليل الشهري للتضخم
ولأننا بصدد اجتماع جديد للجنة غدا الخميس، الموافق ٢٩ مارس يجب أن نقرأ ونحلل بعناية بيان التحليل الشهري للتضخم الصادر من البنك المركزي، حيث سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في الثامن من مارس الجاري، ارتفاعا شهريا بلغ 0.29% في فبراير 2018 مقابل انخفاضا قدره 0.06% في يناير الماضي، وانخفض المعدل السنوي للتضخم العام ليسجل 14.4% في فبراير مقابل 17.07% في يناير 2018.

وسجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين المعد من قبل البنك المركزي المصري ارتفاعا شهريا بلغ 0.39% في فبراير 2018 مقابل ارتفاع بلغ 0.17% في يناير 2018، وانخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي ليسجل 11.88% مقابل 14.35% في يناير.

هذا الأمر الذي نرى أنه سينعكس في صورة قرار جديد عن لجنة السياسات النقدية غدا الخميس، بمزيد من الخفض لمعدلات الفوائد بمعدل يتراوح بين ١ % و٢% مما سيحدث حالة من الانتعاش في السوق المحلية.
الجريدة الرسمية