في عيد ميلاد الخال «محمود رضوان»
أشتاق كثيرًا لفترة امتحانات الصف الأول الإعدادي، عندما كانت تلك الامتحانات بعد الثورة المجيدة مباشرة، وأشتاق عندما كان يذهب معي أبي للمدرسة يوميًا في تلك الأيام، وأتذكر عندما كانت تذاع يوميًا أغنية لفريق وسط البلد، وكانت تجذبني كلماتها جدًا، وهي أغنية "عم مينا وشيخ أمين".
ومرت الأيام وكنت أسمعها في مواقف متفرقة وأحداث مختلفة، وفي كل مرة يتم أسري في تلك الكلمات الجميلة والمدهشة، التي كنت لا أعلم صاحبها إلا من فترة وجيزة، وبعدها سمعت أغنية بننجرح للكينج محمد منير، وأيضًا استوقفتني كلماتها الرائعة والفريدة أيضًا، وصرت مغرما بها فترة من الزمن.
حتى يوم من الأيام وقع تحت يدي نص شعري لشاعر، لا يمكن أن أقول إنه في عمر والدي بحكم أنه أصغر قليلًا منه، لكن في روحه، تشبه روح الأخ الأكبر، والتوءم المسابق لروحي، دخلت عبرت له عن إعجابي بفنه وكتابته ولم أكن أدري في ذلك الحين أنه هو من كتب تلك الأغاني، لكن كنت مغرما بما ينشر له من نصوص شعرية مدهشة.
مرت الأيام وصرنا أصدقاء وتقربنا وبالصدفة عرفت أنه من قام بكتابة تلك الأغاني، وأدهشني عندما أخبرني أن أغنية عم مينا، عمر القصيدة ربما من عمري، ولا أدري كيف؟ فهو في الروح يمكن أن يكون شابًا ومرحًا أكثر مني، أما في الإبداع فهو يشبه البيت الشعري الذي يقول "لأني بما لم يستطع الأوائل".
شاعر يعرف كيف يحرك فيك المشاعر، ولا يجري خلف الوزن والقافية أو عدد الأبيات أو السطور في الصور فقط، بل جراح يبحث من أين يمكن أن يدخل لأعماقك ويتملك قلبك خلال تلك الدقائق التي تقرأ له فيها نصًا أو تسمع منه هو شخصيًا قصيدة، جراح يتحكم في القلوب لكن من خلال الكلمات وليست الأدوات الطبية المعتادة.
أتذكر نص "الخالة" التي أسمعني إياه في تلك الليلة التي كنت في ضيافته فيها، وهو يخطف قلبي في قصة منغمة ومنمقة وتتحدث عن معانِ وأشياء كثيرة لا أحد ربما أن يتحدث فيها في آن واحد كما فعل هو، فالسر يكمن دائمًا في الموهبة.
في ذكرى ميلاده لا أتمنى سوى دوام الحال والإبداع له، وكنت أتمنى لو كنت أدرس في إحدى الجامعات المصرية ليكون المحكم لي في مسابقة إبداع، التي يحكم فيها بمشاركة اثنين من علماء الشعر في العصر الحديث، أستاذنا جمال بخيت، والشاعر والأستاذ الكبير أحمد بخيت.