حكايتى مع "فضيلة" المرشد
داهمتني الكآبة ذات صباح، فقررت زيارة مكتب المرشد العام لـ "الإخوان المسلمين" في المقطم، بما أنهم جيراني.. كان هدف الزيارة محددًا، ذاكرته في رأسي جيدًا، ودعوت الله أن يحلل عقدة لساني، كي أوجز وأسدد في المرمى.. ولأنني اتصلت ثلاثة أشهر بالعمل الحكومي، حيث كنت مستشارًا إعلاميًا لهيئة الأوقاف المصرية، تحققت من أن حكومة الإخوان المسلمين تخطئ الطريق إلى مفاتيح حلول مشاكل البلاد والعباد.
طرحت غضبي عليهم خلف ظهري، وقلت يجب أن أعمل بقول الله تعالى "واستبقوا الخيرات"، فذهبت إلى المقر المهيب، الذي تفوق في جهامته على مقر القيادة القطرية لحزب البعث العراقي في بغداد، على الرغم من أن الأول فوق الأرض، والثاني تحتها.
كان طبيعيًا أن يسألني فرد الأمن، وهو شاب طبعت "الجهامة" وجهه، وبعد "سين وجيم" بشكل كاد يفقدني هدوئي الذي عاهدت نفسي عليه، اصطحبني فرد آخر إلى ممر شبه طويل، ثم إلى ردهة القصر، وإذا بي أمام "كاونتر" صغير يتقدم الدرج المؤدي إلى طوابق المبنى المقبض، وفي "فسحاية" القصر جلس أناس كثيرون يشبهون انتظار مستشفيات الباطنة الحكومية، فيما انشغل البعض بخاتمة الصلاة، ومعظمهم من أصحاب اللحى البيضاء، وأقليتهم من شباب الإخوان، الذين بدت على ملامحهم سمات "السمع والطاعة".
استجوبني موظف الاستقبال الذي بدا أنه استوفى شرط "الجهامة" للقبول في الوظيفة، وبسماحة مصطنعة أعطاني نموذجًا مطبوعًا، يشبه ذلك الذي عبأته عام 1989 في مقر القيادة القطرية لحزب البعث العراقي، حين زرته بإيعاز من المرحوم لطفي واكد، لتقديم اعتراض على المعاملة السيئة التي يلقاها المصريون في العراق "آنذاك".
عبأت النموذج: اسمي، وهاتفي، وعنواني، والهدف من الزيارة، وكان الهدف: مناقشة بعض مشاكل التنمية الزراعية في مصر، بصفتي "فلاح، ثم مهندس زراعي، ثم صحفي، ثم مستثمر زراعي".
انتظرت أربعة أيام، وفي اليوم الخامس، فوجئت برسالة على هاتفي كتب فيها بالحرف: (الأخ الحبيب: يعتذر فضيلة المرشد عن طلبكم، وهذا الملف لا يتعامل معه إطلاقًا، وينصح بالتواصل مع نائب الشعب طرفكم، وشكرًا للتواصل، ونسأل الله لكم الصبر. مكتب المرشد العام للإخوان المسلمين).
زرت مقر المرشد رغم علمي بالحقيقة المرة، لكنني اتهمت نفسي بأن يكون الله قد ترك في قلبي غلا للذين آمنوا، فلعنت الشيطان واستبقت الخيرات، وطلبت لقاء من أعرف جيدًا، أن حكم البلاد ومصالح العباد تدار من مكتبه، فوجدت رفضًا لمصافحة الأيدي العاملة، ولقاء العقول المجربة. وجدت صدًّا لأصحاب العيون التي ترى البؤر المعوقة لسير عجلة الإنتاج.
كان ردي رسالة مختصرة: (لا بارك الله فيكم، فليس فيكم فاضلًا، ولا تعرفون فضيلة) أظن أن كل حرف في رسالتهم، كتب بعناية، وبتقصد ثاتب، لكن أي صبر يسألون الله لي إياه؟
طلب مني المرشد العام، أن أتواصل "مع نائب الشعب طرفنا"، أي نائب شعب، وهل هناك مجلس شعب لايزال قائمًا؟ أم أنهم يقرون بأنه قائم فيما بينهم، وأن أعضاء "الحرية والعدالة" في البرلمان المنحل، لايزالون يجتمعون في المقطم، ويصدرون فتاواهم، في نسختين، واحدة لـ "الاتحادية"، والثانية لمجلس أحمد فهمي "غير الشرعي"؟
العجيب أن المرشد العام قال إنه لا يتعامل مع هذا الملف إطلاقًا، على الرغم من أنه طبيب بيطري، ويعرف أن الثروة الحيوانية تم تدميرها، منذ ما قبل الثورة، ولم يقدم "الإخوان" ما يشير إلى نية النهوض بها.
سنصلي من جديد، وندعو الله بصدق، بأن يرفع عنا الأذى، وأن يبعد عنا من لا يخافه ولا يرحمنا. اللهم آمين .
barghoty@yahoo.com