تحذير سعيد صالح وآمال فريد للمصريين
فيلم "ألزهايمر" الذي قام ببطولته "الزعيم" عادل إمام، والذي أدى فيه الراحل القدير سعيد صالح، رحمه الله، شخصية إنسان مريض بـ "ألزهايمر" في مرحلة متأخرة، دق ناقوس الخطر باتجاه مرض خطير.. أيضًا فإن ما نشر مؤخرًا حول العثور على الممثلة القديرة آمال فريد، بطلة عدد من أفلام "العندليب"، بإحدى مقاهي وسط البلد، واكتشاف أنها تعاني من "ألزهايمر" في مرحلة أولية.. يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة مرض "ألزهايمر"، ومراحله، وخطورته، وطرق الوقاية إن وجدت.
المرض ربما لم ينتشر في مصر حتى الآن، لكن العديد من دول العالم، لاسيما الأمم "الشائخة"، أي التي يرتفع بها متوسط أعمار السكان، تعاني منه كثيرًا.. ومن المتوقع أن تزداد حدته تدريجيًّا في مصر، أكثر من 47 مليون مريض بألزهايمر في العالم، وهناك نحو 300 ألف مصرى مصابون.
من المتوقع أن تصل النسبة إلى 75 مليون مريض في العالم عام 2030، وبحلول 2050 سيصل العدد إلى 132 مليونًا.. إلا أن 70 % من مرضى الخرف سيكونون من البلدان النامية، وذلك لزيادة تعداد السكان وتحسن الخدمات المقدمة، مما يؤدي إلى الزيادة في عمر الإنسان.
اكتشاف "ألزهايمر" يعود للطبيب الألمانى "اليوس ألزهايمر" سنة 1906، الذي توصل إلى مراحل المرض وتطوره، والتغيرات المخية وساهم في إنشاء الجمعيات التي تتبنى علاج هذا المرض.. "ألزهايمر" ناتج عن خلل بإحدى المواد العصبية الموصلة الموجودة بالمخ، وهى مادة "الاسيتيل كولين"، وكذلك ترسب مادة بروتينية تسمى "البيتا امايلويد"، مما يؤدى إلى وفاة الخلية العصبية.
يعانى 60 % من مرضى "الخرف" من ألزهايمر، وبالتالى يعتبر أشهر نوع لمرض الخرف، ومن كل 3 مرضى يعانون من ألزهايمر 2 منهم نساء.. مرض ألزهايمر يمر بـ 3 مراحل رئيسية؛ الأولى تبدأ بفقدان للذاكرة للأحداث القريبة وليست البعيدة، كما يعتقد البعض، ومعها بطء في الحركة والتفكير، وبطء في اتخاذ القرارات.
وفى المرحلة الثانية تزيد الأعراض، ويضاف إليها بعض التغيرات السلوكية، والصعوبة في إدراك الزمان والمكان، وتبدأ بعض الأعراض الخاصة بالجهاز العصبى.. وفى المرحلة الثالثة يصبح المريض في مرحلة طفولية، أي يحتاج لمن يقوم بتغذيته وتغيير ملابسه وينتهى الأمر بالوفاة، هذه المراحل تستغرق من 6 إلى 9 سنوات.
الخطورة أنه يوجد في مصر 6.5 % من السكان في مصر فوق سن الـ 60، وهو يوازى تقريبا 6 ملايين نسمة، ومن المتوقع عام 2030 أن يزيد هذا الرقم إلى 12 % ليصل إلى 11 مليون نسمة، ولذلك يجب أن نبدأ الآن في التخطيط لتقديم الخدمات الطبية، والصحية، والاجتماعية، لهؤلاء المرضى حتى لا نفاجأ بوجود هذه الأعداد بلا خدمات تقدم لهم.
المفاجأة أن العلاجات المتاحة لا تعالج المرض ولكنها تبطئ من تدهوره، وهى جميعا تعمل على محاولة زيادة مادة "الاسيتايل كولين".. وخلال السنوات القليلة الماضية تم اكتشاف بعض العلاجات التي تمنع ترسب مادة "البيا أميوليد"، وقد نجحت هذه التجارب على الفئران، وإذا استمر هذا النجاح فإنه من المتوقع خلال السنوات القادمة أن يستخدم هذا العلاج على المرضى، وحينها سيكون علاجًا للمرض نفسه.
الأبحاث أثبتت أن راعى مريض ألزهايمر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب بمعدل 60 % أكثر من غيره، فصحة راعى المريض تؤدى إلى رعاية أفضل للمريض نفسه. ولا توجد وقاية محددة لمرض ألزهايمر، ولكن هناك بعض النصائح التي تقلل من فرص الإصابة، ومنها: الحفاظ على الصحة العامة.. مراعاة الأمراض الجسدية مثل الضغط والسكر والكوليسترول.. ممارسة رياضة المشي.. استخدام المخ في القراءة والكتابة، والكلمات المتقاطعة والسودوكو، والشطرنج، والمرض ليس وراثيًا، حيث إنه لم ينتقل للأبناء إلا في 1 % إلى 2 % فقط من الحالات.
من الضروري وجود شخص يتحدث إليه المريض، حتى لو لم يرد عليه حتى لا يصاب بالاكتئاب، ومن المهم أيضا أن يكون لديه الشعور بالاستقلالية، والاعتماد على النفس في المأكل والملبس، والتشجيع مهم جدا بالنسبة له فمجرد ممارسة أنشطة بسيطة مثل المساعدة في زراعة الحديقة، أو أخذ مشورته في بعض الأمور، وكذلك ممارسته الرياضات الخفيفة مثل المشى لمدة 30 دقيقة يوميا، تفيد في الوقاية.
الحرص على تناول نظام غذائى للحفاظ على قدراته والإكثار من الخضراوات والفاكهة، ومضادات الأكسدة وأوميجا 3، ووجود بعض الحيوانات الأليفة لرعايتها يعطيه سعادة بالغة، وكذلك التواصل الاجتماعى حتى لايصبح عرضة للاكتئاب؛ فمريض ألزهايمر تتحقق له جودة الحياة عندما يشعر بقيمته واستقلاليته.
ضرورة اتباع نمط الحياة الجيد، وأخذ قسط كاف من النوم يحقق الراحة للجسم، ولكن العقل يعمل، والطاقة التي تخرجها خلايا المخ أثناء النوم تعادل 10 أضعاف الطاقة التي تفرزها أثناء اليقظة لتغيير الإنزيمات والبروتينات التي يحتاجها الإنسان أثناء اليقظة وتجهيز الوظائف المعرفية.
النوم العميق يخلص خلايا المخ من السموم التي تؤدى لألزهايمر لأن المرض يحدث نتيجة لتراكم بروتين سام على خلايا المخ؛ فتحسين نمط الحياة والنوم العميق للحماية من الإصابة؛ ولذلك يجب الحفاظ على الساعة البيولوجية والتعرض لأشعة الشمس لأنها تحافظ على الذاكرة طويلة المدى والتي تتضمن ذاكرة الاحداث، وهى أول ما يفقده مريض ألزهايمر وذاكرة المعلومات، وتسمى ذاكرة معرفية، ثم ذاكرة حياتية مثل تعلم الأكل واللبس وهو آخر مايفقد المريض.
ففى بداية المرض ينسى الأحداث؛ فهو لاينسى كيف يقود السيارة ولكنه ينسى أين ركنها.. وفى آخر مراحل المرض يفقد الذاكرة الأدائية، وغالبا ما نجد مريض ألزهايمر لا ينام أثناء الليل ونجده يصاب بالهذيان، وينادى على أشخاص غير موجودين.
الشيخوخة ليست مرضا، إنما هي مرحلة من مراحل العمر يصاب فيها الشخص بالعديد من الظواهر المرضية، سواء على المستوى الجسدى أو النفسي، وعلى المسن استغلال طاقاته واستثمار إمكانياته، لأن عدم التواصل مع الأبناء والانفصال عن الحياة السريعة في وتيرتها بسبب التكنولوجيا المتقدمة تجعل المسن يشعر بالاغتراب وفقدان الدور الاجتماعي والمسئوليات التي كان يتقلدها؛ مما يجعله يفقد المكانة الاجتماعية ويعرضه للإصابة بالاكتئاب، ويصبح فريسة للأمراض المختلفة، ومنها ألزهايمر.. وتعد زيارات الأقارب وممارسة الأنشطة لتنشيط الحواس، وإضفاء روح الفكاهة سبيلًا لتحسين نوعية الحياة للمسنين.