رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة: القنوات الحكومية أكثر مصداقية من الخاصة

الدكتورة رباب عبدالرحمن
الدكتورة رباب عبدالرحمن هاشم

أجرت الدكتورة رباب عبد الرحمن هاشم، أستاذ الإذاعة والتليفزيون المساعد بجامعة حلوان، دراسة حول المعايير المهنية في توظيف الصورة التليفزيونية بالقنوات الحكومية والخاصة لتقديم أحداث العنف بالمجتمع المصرى.


وتم خلال الدراسة تحليل وتقييم أبعاد المسئولية المهنية لبرامج الحوار التليفزيونية المقدمة بالقنوات المصرية الحكومية والخاصة في توظيف صور أحداث العنف بالمجتمع المصرى، والوقوف على الاختلافات بين القنوات المصرية (حكومية وخاصة) في مدى التزامها بالمعايير المهنية في توظيف صور هذه الأحداث.

الإثارة
وتوصلت الدراسة إلى اعتماد القنوات الحكومية على الصور محددة المصدر في تقديم صور أحداث العنف بالمجتمع المصرى٬ والتي يتم توظيفها لتقديم المعلومات، والإدانة وإلقاء المسئولية، وطرح الحلول، في مقابل اعتماد القنوات الخاصة على الصور غير المحددة المصدر بشكل كبير٬ ويبرر ذلك في إطار استهدافها أحيانا تأجيج المشاعر والإثارة.

وأكدت أن معظم أشكال العنف المقدمة في الصورة التي تعرضها القنوات الحكومية تمثلت في العنف اللفظى والحرائق والعبوات الناسفة، في مقابل القنوات الخاصة الذي ركزت على العنف الجسدي في عدد كبير من صورها.

الإخراج
وظهر التزام القنوات الحكومية بأبعاد المسئولية المهنية ومهنية الأساليب الإخراجية في عرض صور أحداث العنف بالمجتمع المصرى بدرجة كبيرة.

وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن تفسير ذلك في إطار نمط الملكية، والتزام القنوات الحكومية في كثير من الأحيان بالأهداف المعرفية، وتصحيح الأوضاع وطرح الحلول في تقديم صور أحداث العنف، وفي ضوء تمتع الإعلاميين بحس عال في مراعاة المصلحة العامة للوطن، وعدم انتهاج سياسة تأجيج المشاعر والإثارة.

وأكدت الدراسة أن القنوات الخاصة لا تلتزم بأبعاد المسئولية المهنية ومهنية الأساليب الإخراجية في عرض صور أحداث العنف بالمجتمع المصرى بشكل كبير، بل والوصول في بعض الأحيان إلى الانتهاك والاختراق الواضح للقواعد المهنية.

ولفتت إلى أنه يبدو ذلك منطقيًا في ضوء نمط الملكية، وما يترتب على ذلك من تأثير عامل الإعلانات على مدى مهنية البرنامج، وتبنيها لأهداف تأجيج المشاعر وإلقاء المسئولية والإثارة، للاستحواذ على نسب مشاهدة عالية، وقالت: "لا يمكن إغفال انتماء بعض مقدمي البرامج والمعدين لمهنة الصحافة التي تختلف فنونها وآلياتها وأهدافها وأخلاقياتها عنها في التليفزيون، الذي يخاطب ملايين المشاهدين المختلفين في مستوياتهم التعليمية والثقافية والاجتماعية".

وخلصت الدراسة إلى بلورة دليل مهنى وميثاق أخلاقى يرشد توظيف صور أحداث العنف بالقنوات التليفزيونية الحكومية والخاصة، وكذلك الأساليب الإخراجية في عرض هذه الصور، بما يضمن تقديمها بشكل مهنى وأخلاقى يحقق الجانب المعرفي للمشاهدين، وفي نفس الوقت يحافظ على الأعراف الإنسانية والأخلاقية والمهنية في تقديم صور أحداث العنف.

وأكدت أن هذا الدليل يشتمل على العديد من المعايير والأبعاد التي تتمثل في عدم الإعلان عن أسماء وصور الضحايا أو أسرهم خاصةً الأطفال، حيث يعد التصريح بأسمائهم وصورهم انتهاكًا صارخًا لحقوق هؤلاء الضحايا، وإحراجًا واضحًا لأسرهم وذويهم، خاصةً فيما يتعلق بحوادث الاغتصاب.

وأكدت الدراسة أن الميثاق يتضمن النقاط التالية:

- عدم التضخيم أو التقليل من حدث العنف، وما يرتبط بذلك من عدم توظيف التقارير لإثبات وجهة نظر بعينها، أو إعطاء مساحات زمنية أطول للصور المؤيدة لوجهة نظر معينة، واستغلال بعض الأساليب الإخراجية في ذلك، كتكرار بعض الصور أكثر من مرة واستخدام أساليب الإبراز.

- عدم الترويج أو التشويه لأي فئة من خلال صور أحداث العنف المقدمة، حيث أن تكرار هذا التشويه يقدم صورًا سلبية عن هذه الفئة، ويكون رأيًا عامًا سلبيًا تجاهها، ومراجعة صور أحداث العنف قبل تقديمها للتأكد من مصداقيتها، وذلك في إطار وجود بعض الأساليب الفنية الحديثة التي يتم توظيفها لتقديم صور مضللة كصور الفوتوشوب.

-ويرتبط بذلك الإشارة إلى صور أحداث العنف التي لم يتم التحقق منها، وذلك في ظل استغلال بعض القنوات الصور الحصرية أيًا كان مصدرها أو درجة مصداقيتها لتحقيق نسب مشاهدة عالية، وخاصة في ظل التنافس الشديد بين البرامج، لا سيما برامج التوك شوز، ويثير ذلك إشكالية الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى أو الموبايل كمصدر للصور، ومدى مصداقية هذه الصور وتقديمها للحدث كاملًا دون انتقاص منه.

- عدم إغفال ضرورة إسناد صور أحداث العنف إلى مصدرها، وعدم تقديم صور مجهلة المصدر، حيث تثير هذه الصور إشكالية مدى الثقة والمصداقية التي تتمتع بها.

- الالتزام بعدم نشر صور الدماء وجثث القتلى، لأنها تعد انتهاكًا لحرمة الموت، كما تصنف بأنها صور بشعة تؤذى مشاعر المشاهدين، وفي حالة ضرورة تقديم بعض الأصوات أو الصور البشعة يتم وضع تحذير قبلها، بما يضمن احترام حقوق المشاهدين والحفاظ على مشاعرهم، أو استخدام الجرافيك والأساليب الفنية الأخرى بدلًا من الصور الحقيقية.

- ضرورة عدم إذاعة ألفاظ نابية أو إشارات خادشة للحياء في صور أحداث العنف، وتوظيف الأساليب الإخراجية لتحقيق ذلك، من خلال وضع مؤثرات على بعض الصور، أو على أجزاء من الصورة، أو صفارة على جزء من الصوت للحفاظ على قيم وأخلاقيات المجتمع.

- ضرورة الإشارة إلى تاريخ صور العنف الأرشيفية، حيث أن تقديمها في إطار أحداث عنف حالية دون الإشارة إلى ذلك، يخلق حالة من التشويش والتضليل. وكذلك الابتعاد عن صور أحداث العنف التي تحمل تفسيرات متعددة، وضرورة تقديم صور دقيقة وواضحة، وعدم استغلال بعض الأساليب الإخراجية التي تحول دون ذلك كمنع الصوت المصاحب للصورة، أو حذف بعض الصور، حتى لا تخضع الصورة لتفسير مضلل أو غير محايد من مقدم البرنامج.

- عدم تقديم صور أحداث العنف التي تؤدى إلى إثارة الأحقاد الفئوية والمشاعر الوطنية أو الدينية، التي يمكن أن تخلق حالة من عدم الاستقرار في المجتمع والاستقطاب والاتهامات المتبادلة.

- احترام المشاعر الإنسانية وعدم إثارتها، بالتركيز المتعمد على الجانب العاطفى في عرض صور أحداث العنف، وعدم استغلال الأساليب الإخراجية لإثارة المشاعر كعرض الصور أكثر من مرة، أو انتقاء بعضها وإعادتها، أو استخدام عناصر الإبراز في التصوير والإخراج ومنها لقطات قريبة جدًا، صور أبيض وأسود، موسيقى حزينة مصاحبة، صدى صوت، عرض الصورة بشكل بطىء، رفع درجة الصوت في لقطات بعينها.

- عدم عرض أسماء وصور المتهمين أو أسرهم في صور أحداث العنف، لأنه يعد تشهيرًا بهم وإساءة لسمعتهم، خاصة إذا كانوا في مرحلة التحقيق ولم تثبت عليهم الجريمة.

-يمكن إغفال ضرورة وجود آلية لمتابعة أداء القنوات التليفزيونية الحكومية والخاصة ولاسيما برامج التوك شوز، لضمان ترشيد أدائها وتفعيل التزامها بهذا الدليل المهنى في توظيف صور أحداث العنف، وذلك من خلال تفعيل آليات المتابعة المنوطة بالهيئة الوطنية للإذاعة والتليفزيون ونقابة الإعلاميين، وعلى رأسهما المجلس الأعلى للإعلام.
الجريدة الرسمية