رئيس التحرير
عصام كامل

«الممنوع في الكنيسة».. استقالة الأسقف الأبرز.. ممارسة الجنس في الصيام ضمن القائمة.. العرف الكنسي لا يسمح بإعفاء الأب من عمله الرعوي.. وكهنوت المرأة «مرفوض تماما»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تحديات كثيرة تواجهها الكنيسة، بعد مرور عصور من تيبس الحركة، وتجمدها، من باب الاستقرار، الثوابت التي تفرضها القوانين الكنسية، تشهد من وقت إلى آخر جدلا، في ظل وجود شباب متجدد الفكر، يتطلع إلى مرونة في التعامل مع الشأن الكنسي، ويرى في ذلك تطورا يتماشى مع «عصر التكنولوجيا».


التقاليد الكنسية
الشباب يرى في التقاليد الكنسية، وتجمدها، وإغلاق الباب أمام محاولات إعادة صياغتها، «ديكتاتورية»، كل محاولات الخروج عن المعتاد، تصطدم بـ«فكر جامد»، يستحسن الوضع القائم، ويرفض الحياد عن الطريق المرسوم، حتى وإن كان صوابا.

العرف الكنسي
الكنيسة تعتبر «العرف الكنسي»، ثوابت لا يمكن الاقتراب منها، حتى أنها دخلت في منطقة «المحرمات»، هذا التفكير دفع بعض الشباب إلى «هجرة الكنيسة»، واعتبروها مؤسسة جامدة «لا حياة فيها»، ومن هنا لحق بالكنيسة علل عدم التفاعل مع الرؤى الإصلاحية والاجتهادات الفردية، بل وصل الأمر إلى محاربة أصحابها.

«العرف الكنسى لا يسمح بقبول إعفاء الأب الأسقف من أسقفيته وعمله الرعوي، الذي تسلمه من السيد المسيح ومن الكنيسة يوم سيامته أسقفا، وأن هناك ارتباطا بين الأب الأسقف والإيبارشية والرعية مدى الحياة».. هذا كان رد لجنة الإيبارشيات على طلب الأنبا إبرام أسقف الفيوم، بترك الأسقفية والعودة إلى دير الأنبا بيشوى الذي ترهبن فيه.

وتقدم الأنبا إبرام بخطاب موجه إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، حرره بخط يده وبتوقيعه، يوم 15 يوليو الماضي، طلب فيه السماح له بخلوة مفتوحة يقضيها بقلايته في دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، كما أفصح خلاله عن رغبته الشديدة في الاعتكاف والوحدة الرهبانية بعد أن خدم إيبارشية الفيوم أكثر من 32 سنة.

استقالة الأنبا إبرام فتحت الباب للحديث عن استقالة الأسقف أو الكاهن، وبحسب القس بولس حليم المتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية - لا يوجد ما يسمى باستقالة الكاهن أو الأسقف، باعتبار الكهنوت ليست «وظيفة» يمكن الاستقالة منها، ولكنه خادم للرب لا يشيخ، كما أن هذه الوظيفة لا يأخذها أحد بنفسه بل المدعو من الله، كما أن الكهنوت هو عطية عظمى ممنوحة للكاهن من الله.

الأنبا أغاثون أسقف كرسى مغاغة والعدوة، قال إنه لا يوجد سند قانونى أمام لجنة شئون الإيبارشيات أو المجمع المقدس برئاسة البابا تواضروس الثانى ولا قوانين الكنيسة ولا مجامع الكنيسة، ما يسمح بالموافقة أو قبول استقالة الأسقف.

عدم وجود «استقالة الأسقف أو البطريرك أو الكاهن»، في قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتقاليدها وعقيدتها، يستند إلى أن الاستقالة هي أشبه بالطلاق الروحى لأن الخادم يعتبر قد تزوج الكنيسة روحيا بعقد أبدى روحى لا ينحل إلا بالموت الجسدي.

الاستقالة

ولا يسمح بالاستقالة حتى في أشد حالات المرض للأسقف أو الكاهن، حتى وإن كان يصلى على كرسى متحرك مثل الأنبا دوماديوس مطران الجيزة، وكان الراحل البابا شنودة الثالث، في حالة تعب أو اشتد المرض بالأسقف يعين «مساعد أسقف»، مثل الأنبا إرسانيوس مطران المنيا الذي طلب مساعدا له هو الأنبا مكاريوس.

ورغم أن الكل يتفق على «حرمانية» استقالة الأسقف أو الكاهن، لكن هناك استثناءات، مثل الأنبا مينا مطران جرجا المتنيح، الذي طلب نائبا بابويا وذهب للدير، وكذلك مار إسحاق السريانى الذي ترك الأسقفية وتوحد، وهاتان حالتان خاصتان استثنائيتان في تاريخ الكنيسة..

«الجنس» في الصيام
ممارسة الجنس خلال فترات الصوم من المحرمات أيضا في الكنيسة، وهو ما يمثل عبئا على الأقباط، وذلك استنادا على قول القديس «يوحنا ذهبى الفم»: «إذا كنتم تريدون الطريق الأسمى والأعظم، فالأفضل ألا يكون لكم علاقة مع أية امرأة».

البابا الراحل «شنودة الثالث» انتصر أيضا لفكرة البتولية، في كتابه «بتولية أم زواج»، فيقول «لم نر ديانة في الوجود تحض على البتولية، وتدعو إلى حياة الزهد والتعفف مثلما فعلت المسيحية، حتى كان من نتائج ذلك قيام الحركة الرهبانية الواسعة النطاق».

الأنبا بيسنتى أسقف حلوان والمعصرة، قال أيضا في تسجيل تليفزيوني، إنه لا يجوز للزوجين ممارسة الجنس أثناء فترة الصيام، إلا في استثناءات تعود إلى قدرة الزوجين على الامتناع عن الممارسة الحميمية، ولا تتم إلا بعد الحصول على تصريح كنسى بممارسة العلاقة الحميمية أثناء الصيام.

ورغم أن الرسول بولس قال في رسالته إلى العبرانيين « لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ»، إلا أن ممارسة العلاقة الحميمية بين الزوجين أثناء الصيام، تعتبر من «الحرام» في رأى آباء الكنيسة، وهو ما يتنافى مع تعاليم الكنيسة، وهو ما جعل المعارضين لتعاليم الكنيسة يجدون فيها ثغرة للهجوم على الكنيسة.

المرأة قسيسا
«أمر مرفوض في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»، هكذا رد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، قاطعا فكرة سيامة المرأة قسيسا، أو أن تتولى رتبة كنسية.

وأوضح البابا تواضروس، أن كهنوت المرأة ليس مقررا، أو مقبولا، ولا يطرح إطلاقا للنقاش، مشيرا إلى أن هذا الأمر ليس مطروحا إطلاقا حتى لمجرد التفكير، رغم أن لها دورا كبيرا في الكنيسة، مثل «الكورال» الذي تعتبر المرأة القوام الأساسى له، بالإضافة إلى أن المرأة لها نشاط واسع في مدارس الأحد واجتماعات الشابات.

وأكد تواضروس أن أحد شروط تشكيل مجلس الإدارة في الكنيسة، أن يكون به مرأة على الأقل، كما أن رئيسات الأديرة لهن دور فاعل في الكنيسة.
ورغم رفض الكنيسة القبطية القاطع لكهنوت المرأة، فإن الكنيسة الإنجيلية تثير جدلا من حين لآخر، بطلبات خاصة بتعيين المرأة قسيسا.

وكانت الكنيسة الإنجيلية، صوتت بالأغلبية أثناء انعقاد مجمع القاهرة الإنجيلى في عام 2012، على قرار رسامة المرأة قسيسا، ليكون القرار الأول من نوعه في تاريخ الطوائف المسيحية بالشرق الأوسط بعد المبادرة التي تقدمت بها «أن إميل زكى» للرسامة، وذلك بعد إقرار حق المرأة لتكون شيخا أي نائبة للقسيس.

فيما ترى الكنيسة الكاثوليكية، أن رسامة المرأة قسيسا محسومة «فلا يوجد كهنوت للمرأة»، مؤكدة أنه أمر مرتبط بنصوص الكتاب وتقاليد الكنيسة التي ترتبط بها الكنيسة الكاثوليكية، وهى عادات لا يمكن تغييرها.

المذبح محرم على المرأة والعلمانيين
يحظر على المرأة والعلمانيين، دخول المذبح، بل هو من المحرمات، بل يحرم من دخول الهيكل كل من لا يحمل رتبة كهنوتية على السواء إذا كان رجلا أو امرأة.

الكنيسة تمنع العلمانيين رجالا ونساء من دخول الهيكل، وقد جاء في قانون (19) من المجموع: « لا يحل لأحد من المؤمنين إذا لم يكن كاهنا أن يدخل إلى المذبح ليتناول القربان المقدس منه الكهنة والشمامسة».
وجاء في كتاب « القداس الإلهى شرح وتأمل»، «الأصل هو أن دخول الهيكل لخدام المذبح فقط، ونعنى بهم رجال الكهنوت ومعهم الشمامسة، وليس لأحد آخر».

وقال مصدر كنسى إن المرأة تحرم من دخول المذبح، لأن الكنيسة تعتبرها «نجسة»، ولا يسمح لها بالدخول إلا إذا كانت «راهبة»، يعنى مكرسة، وتخطت سن «الحيض»، أي اقترب عمرها من الـ45.

الطلاق
يقول المسيح في إنجيل متى : «إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني».. إجابة المسيح واضحة، وقاطعة فيما يتعلق بالطلاق، لكن ما تمنحه الكنيسة يسمى «بطلان»، وليس طلاقا، وحددت الكنيسة الأسباب التي يكون فيها الزواج باطلا، وهى «إذا لم يتوفر فيه رضاء الزوجين رضاء صحيحا، إذا لم يتم بالمراسيم الدينية علنا بحضور شاهدين مسيحيين على الأقل، إذا لم يبلغ الزوجان السن القانونية للزواج، إذا كان بأحد الزوجين مانع من موانع قرابة الدم أو المصاهرة، إذا كان أحد طرفيه وقت انعقاده مرتبطا بزواج صحيح قائم، إذا تزوج القاتل عمدا أو شريكه بزوج قتيله متى ثبت أن القتل كان بالتواطؤ بينهما بقصد الزواج متثبت أن الدافع على القتل هو الزواج، وإذا تزوج المسيحى بمن ينتمى إلى دين آخر غير مسيحى».

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية