رئيس التحرير
عصام كامل

إحصائيات: سمنة الأطفال والكبار تسجل مستويات مخيفة في الكويت

فيتو

كشف عميد كلية الصحة العامة بمركز العلوم الطبية في جامعة الكويت الدكتور هاري فاينيو أن معدلات الإصابة بالسمنة والبدانة في الكويت بلغت مستويات مخيفة وأرقاما غير مسبوقة لدى البالغين والأطفال على حد سواء وفق الإحصائيات


وأوضح أن الظاهرة تمثل خطرا حقيقيا على صحة الأفراد وبالتالي التسبب بأمراض مزمنة تؤدي إلى الوفاة، داعيا إلى علاجها الآن – وخاصة لدى الأطفال – لتجنب التبعات الثقيلة لاحقا،

وأوضح أهمية إطلاق برامج عمل لإنهاء ظاهرة البدانة في مرحلة الطفولة على مستوى دولة الكويت خلال العشر سنوات المقبلة لتفادي الخطر الذي يواجه الجيل القادم.

جاء ذلك في الندوة المقامة بعنوان "السمنة - العدو الأول للصحة العامة في الكويت " بمناسبة يوم السمنة العالمي الذي يصادف 11 أكتوبر الحالي والتي أقيمت بمركز العلوم الطبية بجامعة الكويت في الجابرية بحضور عدد من أعضاء هيئة التدريس وطلبة الكليات الطبية وطلبة المدارس والمهتمين بهذا الجانب.


ودعا جميع الجهات المعنية لعلاج هذه الظاهرة والتدخل المبكر لتفادي الأضرار الناتجة مستقبلا موضحا أن الانفاق الصحي المحلي بلغ ما يقارب ملياري دينار في عام 2014، ومن المتوقع أن تقارب السبعة مليارات دينار في عام 2040.

وعرف فاينيو السمنة بأنها التراكم غير الطبيعي أو المفرط للدهون في الجسم الذي يشكل خطرا على الصحة، وهو نتيجة اختلال التوازن في الطاقة، أي كمية الطاقة التي تتجاوز الحاجة الطبيعية للشخص

وأضاف أن البدانة مرض خطر ومصدر للأمراض غير السارية الأخرى، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والعديد من أنواع السرطان مثل الثدي والمبيض والقولون والمستقيم والكبد والكلى والبنكرياس والمريء والبطانة الرحمية للرحم وكذلك البروستاتا والمرارة والغدة الدرقية والورم النخاعي المتعدد والسحايا، مبينا أنها تسببت بوفاة 4 ملايين ونصف حالة عالميا في عام 2013 مما يمثل 8.1% من إجمالي الوفيات، كما أنها المسبب الثاني للأمراض المذكورة سابقا بعد التدخين.

وعن الميول لزيادة الوزن والسمنة أضاف أن هناك عوامل وراثية وعائلية مثل تحكم الجينات، الاختلافات الأيضية، السلوك الادماني، شكل الجسم، توازن الطاقة، بالإضافة إلى عوامل خارجية وبيئية مثل النشاط البدني والمحددات الاجتماعية (التعليم، الاقتصاد، الشبكات الاجتماعية).

وقال إن منظمة الصحة العالمية صنفت السمنة وفق معدل كتلة الجسم إلى 3 مراحل، الأولى من 30-34.9 كجم للمتر المربع والثانية من 35-39.9 كجم للمتر المربع، والمرحلة الثالثة 40 كجم للمتر المربع فما فوق

وأشار إلى أن الإحصائيات العالمية في عام 2014 أشارت إلى أن 1.9 مليار بالغ من من أصل 4.7 مليار بالغ يعانون من زيادة الوزن، 600 مليون منهم يعانون من السمنة المفرطة، مضيفا أن ما يدعو إلى زيادة القلق هو تضاعف أعداد الأطفال المصابين بالسمنة في البلدان ذات الدخل القليل والمتوسط من 7.5 ملايين إلى 15.5 مليون طفل منذ عام 1990، مشيرا في الوقت ذاته أن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالبدانة تقدر بتريليوني دولار عام 2014.

وفيما يخص الشرق الأوسط، أشار إلى أن السمنة انتشرت بنسبة 37% بين عامي 1980 إلى 2015، واليوم يعاني واحد من كل خمسة بالغين من السمنة المفرطة، وسجلت الكويت وقطر أعلى مستوى في انتشار السمنة لدى الأطفال والبالغين.

ونوه فاينيو إلى أن السمنة باتت تؤطر ثقافيا، حيث كانت في السابق يُنظر إليها بشكل إيجابي من قبل الآباء والأمهات بأنها مؤشر جيد لصحة الجسم، كما أنها رمز للوضع الاقتصادي الجيد والنجاح الاقتصادي، إلا أنها الآن أصبحت تعرض صاحبها للتمييز أو الاستهزاء من قبل البعض في أماكن عدة.

وأضاف أن الإحصائيات التي أجريت بشأن السمنة (المرحلة الأولى منها) في الكويت نتجت عنها أرقام مفزعة حيث تبين أن ثلث الأولاد من عمر الخمس إلى عشر سنين مصابون بالسمنة، فيما ترتفع تلك النسبة لدى الإناث بنفس السن لتقارب 50%.

وبين أن نسبة السمنة تبدأ في الارتفاع لدى سن الخامسة والعشرين لتصل إلى 60% لدى الذكور و70% لدى الاناث، فيما تصل ذروة الإصابة بالسمنة في سن الخمسين فما فوق، حيث تتجاوز 90% وهو مؤشر خطير للغاية ويستوجب دق جرس الإنذار.

واستطرد فاينيو قائلا إن السمنة قبل عقدين من الزمان كانت توصف بأنها قضية تخص سلوك الفرد، لذا فإن التدخلات الوقائية والعلاج كانت على المستوى الفردي، وفي الوقت الحاضر فإن العوامل الخارجية المحيطة بالبدانة (على سبيل المثال، البيئة المبنية، وتسويق الأغذية، والأغذية المجهزة جدا) قد غيرت النظرة العامة، وبات من المسلّمات أن السمنة هي مشكلة صحية تتطلب استجابة اجتماعية، وهو تصور معترف به من قبل كل من القطاع العام والمهنيين الصحيين، منوها أن منظمة الصحة العالمية تسعى لتقليل الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري بنسبة 25% لعام 2025 كإحدى الأهداف الإنمائية لها.

وشدد على أهمية التوعية والتواصل لحل هذه المشكلة الصحية من خلال وضع إجراءات تنظيمية وقانونية لتسويق الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة والأملاح والسكريات، ودعوة الأمهات والمدارس وصناع القرار لتعزيز تناول الأطعمة الصحية من خلال نظام غذائي في مرحلة الطفولة المبكرة، بالإضافة إلى تعزيز النشاط البدني.

وذكر عميد كلية الصحة العامة في نهاية حديثه أن دور جامعة الكويت يتلخص في رفع مستوى الوعي بين عامة السكان وصانعي القرار الحكوميين، فيما يضطلع مركز العلوم الطبية بالتوعية، التأثير في عملية صنع القرار على الصعيد الوطني والتدريب والتعليم عبر المهن الصحية المختلفة

وأشار إلى أن مسئولية كلية الصحة العامة تتلخص في البحوث الإجرائية لتغيير هذا الاتجاه السريع باتجاه السمنة، ونشر المعلومات حول سمنة الأطفال ودمجها في المناهج والبيئات المدرسية، والوعي الاجتماعي لعلاج الفجوات المعرفية والمساعدة في إنشاء نظم مع مؤشرات محددة لبدانة الأطفال والمحددات المتعلقة بها، والتعاون لتحقيق الأهداف العالمية للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها بحلول عام 2025، وكذلك تخريج وتدريب المهنيين في مجال الصحة العامة لمواجهات التحديات الصحية المجتمعية بالتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية لمجتمع أفضل.
الجريدة الرسمية