يا وزير التعليم.. أتمنى أن أكون على خطأ
صرح وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي منذ أيام لوسائل الإعلام بأنه بصدد إصدار قرار وزاري خاص بمدارس الجاليات في مصر، وسوف يتضمن القرار على ألا يزيد عدد المصريين في تلك المدارس على 10%، هذا التصريح من التصريحات التي أتوقف عندها كثيرا، وأطرح على نفسي أسئلة كثيرة ولا أجد لها إجابة، منها على سبيل المثال: هل تلك التصريحات بالفعل تم دراستها ومراجعتها مسبقا؟ هل هناك من المستشارين أو المقربين من يعرض تلك الأفكار على الوزير أم أن هذه من أفكار الوزير شخصيا؟ هل بالفعل الوزير غير ملم بالنواحي الإدارية والبيروقراطية في القوانين واللوائح المنظمة للعمل داخل منظومة التعليم؟ أم أن الوزير ملم بكل ما يقوله وقد تمت دراسته جيدا قبل إطلاق مثل هذه التصريحات.. المشكلة فقط تكمن في أنني أفكر خطأ من منطلق المقولة الشهيرة "رأيي صحيح يحتمل الخطأ... ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
فعندما قرأت التصريح تساءلت: هل مدارس الجاليات يلتحق بها طلاب مصريون من الأساس لكي نصدر قرارا بعدم زيادتهم إلى 10%؟ قد أكون مخطًأ ويكون الوزير على حق.
لكن يا معالي الوزير وفقا للدستور والقانون الذي ينص على أن "أي مدرسة على أرض مصرنا الحبيبة تخضع لتبعية وزارة التربية والتعليم من كافة النواحي، طالما يلتحق بها ولو طالب مصري واحد، وبالتالي تصبح كل المدارس المقامة على أرض مصرية أيا كان نوعها "حكومي-خاص- تجريبي –دولي" خاضعة لإشراف وتبعية الوزارة من حيث المناهج والمعلمين ونظام الدراسة، والتأكيد على الهوية المصرية والالتزام بكافة شيء يصدر عن الوزارة بشرط أن يكون طلابها مصريين الجنسية.
أما فيما يخص "مدارس الجاليات" في مصر فتلك مدارس ذات طابع خاص ولا تخضع نهائيا لوزارة التربية والتعليم من أي ناحية من النواحي، لأن طلاب تلك المدارس غير مصريين وإن كان هناك بعض الطلاب المصريين بها لا بد أن يكونوا من مزدوجي الجنسية أي يحملون جنسية أجنبية بجانب الجنسية المصرية التي جعلتهم يلتحقون بتلك المدارس، وأن مدارس الجاليات تتبع تبعية كاملة لسفارات تلك الدول الأجنبية التي أنشأت تلك المدرسة، والمناهج الدراسية لا تطّلع عليها وزارة التربية والتعليم ولا تخضع لرقابتها وإشرافها، لأنها تقوم بتدريس مناهج الدول التابعة لها تلك المدرسة.
كما أن تلك المدارس لا تحصل على تراخيصها من وزارة التربية والتعليم من الأساس بل تحصل على تراخيصها من الدولة التابعة لها، وتنشأ تلك المدارس من خلال بروتوكولات التعاون الثقافية المبرمة بين مصر والدول التي أَنشأت هذه المدارس، التي تضم بنودًا ملزمة للطرفين، منها المعاملة بالمثل، من خلال إنشاء مدارس مصرية بهذه الدول.
قانون التعليم المصري الذي يمنح السفارات الأجنبية الحق فقط في إنشاء تلك المدارس يهدف لتعليم أبنائهم المناهج المقرر دراستها بتلك الدول ويهدف إلى غرس ثقافة وهوية الدولة الأجنبية في طلابها، ولا تقترب من قريب أو من بعيد للثقافة أو الهوية المصرية وبالتالي تعتبر هذه الاستثناءات التي ستوافق عليها بإلحاق 10% من الطلاب ليس فقط ولو استثناء لطالب مصري واحد بالالتحاق لمدارس الجاليات الأجنبية في مصر يعد مخالفة لقانون التعليم ويضرب الهوية المصرية في مقتل الذي أكدت عليها جميع دساتير مصر خصوصا دستور 2014.
لذا أتمنى يا معالي الوزير إعادة النظر في هذا القرار قبل إصداره والتأكد من قانونيته وأنه لا يتعارض مع بناء شخصية مصرية تفكر وتبدع وتتعلم، لأنه في حالة دخول طلاب مصريين تلك المدارس سيحدث طمس للهوية المصرية الوطنية بكل تأكيد لدى هؤلاء الطلاب، خصوصا أن مدارس الجاليات الأجنبية لا تخضع لسيطرة ورقابة الوزارة أو الإشراف على مناهجها ولا نعلم ما هي مناهجها؟ وماذا يدّرس فيها من علوم ومواد اجتماعية وتاريخية؟ وأي فكر يحملون؟ وما هي اتجاهاتهم الفكرية والثقافية؟ ومنذ إنشائها لا تعلم التربية والتعليم شيئًا عنها، وماذا يدور فيها؟
Tarek_yas64@yahoo.com