كان ميتًا وعاش (١)
قبل ما أرجع روسيا بكام يوم وأنا دنيتي كانت متلخبطة، بين مشكلات عائلية، وفي الغالب بكون أنا السبب، أو مشكلات بيني وبين صحابي ويمكن برضو أنا السبب، وضغطة إني لازم أخلص الحاجات اللي عاوز أخدها معايا وأنا راجع روسيا، وضغطة فلوس الطيارة، وازاي هسافر المرة دي لوحدي مش في جروب وحبة مشكلات حلوة كدة.
زائد بقى إني لما رجعت حصلت شوية مشكلات في الكلية لأني رجعت متأخر عن الميعاد الطبيعي للطلاب الأجانب لحد أخيرًا ما المشكلة اتحلت وكملت في جامعتي عادي.
في الفترة دي مقدرش أنكر أن الضغط النفسي اللي كان عليا كان كبير لأن كله كان بيحملني المسئولية أو الذنب أو أني دايمًا «السبب»، في أي حاجة تحصل بقى أو حصلت، في الفترة دي كان تقريبًا هيبقى عادي أن ممكن يتقال أني كنت شريك أسامة بن لادن في تفجير البرجين.
طبعًا كل اللي كان بيحصل ده، سواء من مشكلات الكلية أو خسارة الناس، سبب أزمة كبيرة نفسية ليا، يمكن ربنا أكرمني واتحلت كل المواضيع دي، لكن لا أنكر إن جات عليا فترة وتعبت جدًا، ومسكتني أفكار سودة جدًا من ضمنها «الانتحار».
فيروس الاكتئاب والانتحار خلاص بقى منتشر بطريقة رهيبة وغريبة بين جيلنا حاليًا ويمكن كمان لأسباب تافهة جدًا، مش لأننا جيل تافه، بس علشان زي ما بيقولك أن ممكن قشة هي اللي تكسر ظهر البعير.
أحيانًا مبنبقاش عاوزين حلول، عاوزين بس حد يشيل معانا، حد يقول: "أنا جنبك"، حد يطبطب، حد يسند، حد يكون الكتف اللي يتسند عليه لو تعبنا.
مش بعيد تكون بتقول عليا حاليًا، أني بقول أي كلام وخلاص، بس صدقني لا، أغلب اللي انتحروا انتحروا علشان ملقوش "قبول" في الحياة.
ملقوش حد مستعد يتقبلهم، ملقوش حد يهتم بيهم، ماتوا لمجرد اهتمام ولو كداب سواء بصورة على فيس بوك أو حتى نمنمة بين صحابهم عليهم لما يموتوا، اه مفيش حد حس بوجودهم، بس بيدوروا حتى لو حد حس بيهم لما غابوا.
اهتموا، متخلوش الناس تلاقي الحياة في الموت بدل الحياة، الحب مش ضعف، ولا الاهتمام جريمة، اعلنوا الحب ليهم وهما عايشين، متشوفوش أن الاهتمام أو المشاعر تفاهة، لا دي أحسن مواقف القوة، القوة أنك تعبر، تتكلم، أنك باختصار.... تحب.