رئيس التحرير
عصام كامل

تحليل العربي الأفريقي وبلومبرج بيزنس ويك عن دور البنوك فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. تتحول مصر الآن إلى واحدة من أكثر المناطق جذبًا لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة

فيتو

بث البنك العربي الأفريقي الدولي، أول برنامج تحليلي على موقع وكالة بلومبرج بيزنس ويك الشرق الأوسط AAIB perspective وذلك في ضوء تعاون مشترك بين البنك والوكالة، وحمل أول تحليل عنوان القطاع المصرفي المصري: دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل ظروف اقتصادية صعبة.


الخروج من الأزمة
 
جاء في التحليل أنه وفقًا للمؤشرات الأخيرة، يبدأ الاقتصاد المصري في الخروج من أزمته بالتدريج في الربع الأول من ٢٠١٧، أعقاب اتخاذ مصر قرارات هامة وصعبة، من أهم تلك التطورات شروع مصر الآن في التركيز على قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحفيز مجالات بعيدة عن قطاع البترول.

وقد شهدت البلاد تحسنًا في مؤشر مديري المشتريات Purchasing Manager Index “PMI” على مدار 3 أشهر متتالية، نظرًا لانكماش تدريجي في المخرجات والطلبيات الجديدة، رغم صعوبة ظروف العمل.

إنجازات التعويم.

وأضاف التحليل من المؤكد أن تخفيض قيمة العملة، والذي لابد وأنه كان قرارًا صعبًا نظرًا لتأثيره على التضخم، ساهم في عودة الاستثمارات الخارجية إلى مصر، وهو ما ظهر من تدفقات العملة الصعبة إلى النظام المصرفي وانعكس إيجابيا على احتياطيات البنك المركزي المصري من العملة الأجنبية في فبراير ٢٠١٧، والتي وصلت إلى أعلى معدل لها منذ يونيو ٢٠١١. وتحسن إقبال المستثمرين، فارتفع سعر الجنيه المصري في فبراير مقارنةً بانحداره الشديد العام الماضي.

تأتي هذه المؤشرات الإيجابية بعدما أخضعت الحكومة الاقتصاد لـ"العلاج بالصدمة" في نهاية ٢٠١٦، وتضمنت هذه الإجراءات تعويم سعر العملة، مراجعة الدعم على الوقود، ورفع التعريفات والرسوم، مما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم. وفي أعقاب هذه الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية الصعبة، تنتظر مصر دفعة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي في ربيع ٢٠١٧، وذلك بعدما تفاعل الصندوق إيجابيا مع مقدرات الاقتصاد المصري.

الشركات الصغيرة

ورغم الحراك في الاقتصاد، تتحول مصر الآن إلى واحدة من أكثر المناطق جذبًا لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتركز بنوكها على هذا القطاع باعتباره نقطة ارتكاز للتوجه الإستراتيجي قصير ومتوسط الأجل، وجاء التحليل اعتدادا بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة يمكنها أن تصبح حل امثل للتحديات، خاصةً مع قدرتها على توفير وظائف تحد من البطالة، وإحلال البضائع المستوردة بأخرى محلية. ويهدف البنك المركزي إلى زيادة حصة القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي أوعية البنوك إلى 20٪ خلال السنوات الأربع المقبلة.

أرقام مهمة

ووفقًا لسجلات المعهد المصرفي المصري، يصل عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر إلى نحو ٢.٥ مليون مشروع. يمثل هذا نحو ٩٩٪ من مشاريع القطاع الخاص غير الزراعية، ويوفر ٧٥٪ من الوظائف. ويمثل إنتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة ٨٠٪ من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ويساهم بنسبة ٧٥٪ من الصادرات، كما أن المشاريع الصغيرة تمثل أكثر من ١٠٪ من إنتاج مصر الصناعي، بينما تمثل المشاريع المتوسطة ٤٠٪.

والآن وبعدما أصبحت المشاريع الصغيرة والمتوسطة متواجدة بقوة، بدأ رجال الأعمال أصحاب هذه المشاريع البحث عن بنوك تفي باحتياجاتهم، فهم يعلمون أن مثل هذه القرارات تحتاج أكثر من النوايا الحسنة، فكل مشروع لديه احتياجات مختلفة.

رواد الأعمال 

أحد رواد الأعمال هو أحمد عباس، والذي يروج مفهوم منتجات اقتصادية صديقة للبيئة مثل طلمبات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، وذلك من خلال شركته الناشئة SunCity Energy. وحاصل على عدد من الجوائز، ويعلم أنه يمكنه النجاح لأن طلبماته ستحل محل الطلمبات التي تعمل بالديزل، ويتم استخدامها حاليًا، حيث أن كل طلبمة يمكن أن تروي ١٠ أفدنة، لتخدم نحو من ٨ إلى ١٠ فلاحين. وتمت دعوته لحضور القمة العالمية للشركات الناشئة لعام ٢٠١٦ بستانفورد، الولايات المتحدة.

اقتصاد جديد

وفي سياق الاقتصاد المصري الجديد الذي يعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، من المتوقع أن يصبح عام ٢٠١٧ العام الذي يتم فيه تصحيح مسار الاقتصاد اقتصاد ملئ بالفرص للبنوك العاملة في السوق المحلى. وسط توقعات قوية بانفراجه في الاستثمارات الأجنبية في السوق المصري، وهي فرصة إيجابية للبنوك لتبدأ بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك قدرة على النجاح. ويتابع المصريون هذه الزيادة في الاستثمار الأجنبي بحماس كبير، متوقعين أن تواصل الارتفاع في المستقبل القريب.

الحاجة للتمويل 

يحتاج المستثمر للبنوك ليحصل على عوائد جيدة. فهو يريد مثلا الاستفادة من أنظمة تمويل تيسر على المزارعين شراء منتجاته، وهذه الخطط التمويلية يمكنها أن تكون إما عن طريق التأجير، الرهن، أو قروض ميسرة. والبنوك المصرية، سواء الأجنبية أو المحلية، تقدم الآن خدمات تمويل للشركات، إدارة الأصول، سمسرة الأوراق المالية، تمويل العقارات، الإقراض بالهامش، وخدمات تأجيريه. هذه الخدمات هي نفس الخدمات التي يحتاجها رواد الأعمال لتنفيذ مشروعاتهم.

عوائد مرتفعة

وكل جنيه له قيمته بالنسبة لمالك أحد المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وهو ما يضع خدمات البنوك سواء عبر الهاتف أو الإنترنت في بؤرة الاهتمام. تقدم البنوك هذه الخدمات لتوفير الوقت والمال على العملاء بدلًا من اضطرارهم لزيارة الفروع. وكذلك، فإن البنوك نفسها توفر الكثير من المال والتكاليف حين تقدم خدماتها عبر الإنترنت، وهذا المال الذي يتم توفيره عادةً ما يعاد توجيهه في صورة عوائد مرتفعة للعملاء.

خدمات عبر الإنترنت

وتقدم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت العديد من المميزات المريحة، مثل دفع الفواتير آليًا وهو ما سيوفر الوقت لرائد الأعمال المشغول طوال الوقت. ويساعد العملاء على متابعة الحركة على الحساب عبر خدمات التنبيه وكشوف الحساب الإلكترونية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة. حيث يوفر البنك الكثير من التكاليف حين يتحول إلى بيئة عمل لا ورقية وهو ما ينعكس مرة أخرى على العميل.

وعادةً ما تركز الشركات العملاقة على الربحية والاستقرار بعيد المدى، ويلعب الإبداع دورًا محدودًا في هذه الشركات. إلا أن الوضع في مصر مختلف بسبب الاستراتيجيات الاقتصادية التي تتبناها، وهذه الاستراتيجيات تحقق النتائج المرجوة منها. ووفقًا لأحدث إحصاء، ٤٠ مليون مصري، أغلبهم أقل من ٣٥ سنة، يستخدمون الإنترنت، و١٠٪ منهم قد قاموا بعمليات شراء على الإنترنت. وهذا القطاع من السكان هو الدافع الحقيقي لاقتصاد البلاد حاليًا.

التجارة عبر الإنترنت

وبدأت التجارة عبر الإنترنت في النمو في مصر حيث بدأ المستهلكين في الثقة تدريجيًا في الشراء عبر الإنترنت. ووفقًا للبنك المركزي المصري، يمتلك المصريون حاليًا ٢.٥ مليون بطاقة ائتمان، وهو ما يعني زيادة قدرها ٤٠٪ عن عام ٢٠١٠.ووفقًا لأحدث تقارير Alphabet من جوجل، فإن ٨٢٪ من مستخدمي الهواتف الذكية في مصر بحثوا عن منتج أو خدمة عبر هواتفهم، وهو ما يعني طفرة في الخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة. هذه أخبار جيدة للبنوك المصرية التي تقدم خدمات مصرفية عبر الهواتف المحمولة.

مبادرة جديدة

من المتوقع أن تحدث المبادرات الجديدة التي يتخذها القطاع المصرفي المصري كثيرًا من التغيير في سياسات دول أخرى تجاه مصر، بالإضافة إلى تقديم المزيد من الدعم لها، وذلك في أعقاب تقارير إيجابية عن اقتصاد مصر أصدرتها مؤسسات دولية كبرى. وهذه الجهود سيكون لها أثر إيجابي على السياحة وزيادة الاستثمارات الأجنبية في قطاع الحيوي يعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

أوضاع تحت السيطرة 

والآن وبعد أن أصبحت الآثار السلبية لتعويم الجنيه تحت السيطرة، سيتم تصحيح مسار الظروف الاقتصادية، وهو ما سيحسن من فاعلية الاقتصاد ويوفر المزيد من فرص الاستثمار للبنوك، لتبحث عن بدائل للاستثمار في ضوء ميل الحكومة إلى تقليل اعتمادها على البنوك لتمويل عجز الميزانية.

تركيز حكومي

وحاليًا تركز الحكومة والبنك المركزي المصري على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما سيشجع البنوك على التركيز عليها ولا يعني هذا أن البنوك المصرية تتجاهل القطاعات المعتادة، فالشركات الصغيرة والمتوسطة يقودها مواطنون عاديون يملكون أفكارًا عملية، وبالتالي يعتمدون كثيرًا على بنوك التجزئة. ومن المخطط التوسع في خدمات التجزئة المصرفية، ولكن في مجال القروض التنموية أكثر منه في مجال القروض الاستهلاكية. كما تظهر البنوك اهتمامًا حقيقيًا بالتمويل العقاري، توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، وإمدادها بعدادات المياه.

الباب المفتوح

والآن ومع وجود ٤١ بنكًا في مصر، تستهدف الحكومة الاستعانة بهذه البنوك لاستكمال ودفع اقتصادها عبر سياسة الباب المفتوح، والقطاع المصرفي المصري يجب أن يضعه المحللون نصب أعينهم إن أرادوا متابعة نجاح البلاد في تطبيق إعادة هيكلة الاقتصاد.
الجريدة الرسمية