السياحة بين المغامرة والمؤامرة
وكالة الأنباء السعودية نشرت تقريرًا عن أضخم مشروع سياحي أطلقه ولي العهد محمد بن سلمان ويتضمن منتجعات ومحميات طبيعية تمتد لمسافة 34 ألف كيلومتر على البحر الأحمر، يشارك في تمويل المشروع إلى جانب السعودية مستثمرون عالميون.
المشروع ضمن رؤية 2030 لدعم اقتصاد المملكة الذي لن يكون النفط عموده الفقري في المستقبل، البعض اعتبر الفكرة مغامرة من الممكن أن تنعكس سلبًا على الاقتصاد السعودى، لكن ولى العهد تمسك بالفكرة وأعلن عن انتهاء المشروع في 2022، هذا التقديم كان ضرورة للحديث عن السياحة في مصر التي تحاول النهوض من كبوتها، فمنذ أحداث يناير 2011 فقد الاقتصاد المصرى مئات المليارات وفقد الملايين استقرارًا معيشيًا.
الإرهاب كان طرفًا في انتكاسة السياحة، والمتآمرون على مصر وضعوا هذه الصناعة في مقدمة أولوياتهم لضرب الاقتصاد، وضحايا الطائرة الروسية يدلل على فكرة التآمر، ونحن أيضًا شركاء في هذه الانتكاسة، ظلت أفكارنا داخل الصندوق، واستمر الدوران في نفس دائرة الروتين المعوق لحركة الإنتاج.. فقدنا المغامرة المحسوبة، حتى قانون الاستثمار الذي عول عليه العاملون في السياحة وناقشه البرلمان.. مردوده ما زال حبيس الأدراج.. دول كثيرة تحاول ضرب السياحة المصرية، وأخرى تسعى لجذب السياحة بمغريات كثيرة، وإعلام متربص يتم استخدامه لتشويه مصر، لدينا الشواطئ والآثار والمحميات وكل مقومات السياحة الدينية والعلاجية لكننا وضعنا أقدامنا في الجبس وأصبحنا نتحرك بسرعة السلحفاة، واكتفينا برد الفعل لا بالفعل.
نفذنا حرفيًا ما أملته علينا روسيا بعد حادث الطائرة، وتوسلنا إليها لترفع حظر سفر مواطنيها إلى مصر، وعملنا "عجين الفلاحة" دون جدوى، نعم.. الحادث وضع بوتين نفسه في أزمة، لكن إذا كانت روسيا مسارًا مهمًا.. فهناك مسارات أخرى علينا السير فيها.. مجلة "فوربس" الأمريكية نشرت تقريرًا منذ أيام تحذر السياح بعدم الذهاب إلى مصر، واستطردت في تخويفهم من داعش تارة ومن سلوك المصريين تارة أخرى، حذرتهم من العدوانية في الأماكن المزدحمة، ومن مضايقات البائعين في الأسواق، ومن وسائل النقل العام، ونصحت من يصر على التوجه إلى مصر بالابتعاد عن الأماكن السياحية لأن الإرهاب يستهدفها، وطلبت من السيدات عدم ارتداء الملابس الضيقة أو المثيرة وأن يغطين رءوسهن.
التقرير نشرته المجلة في نسختها الإنجليزية لتضع مصر في صدارة الدول العشر التي تنصح بعدم السفر إليها.. ولم تمض سوى أيام قليلة على واقعة "ماريسا" السائحة البريطانية التي أساءت إلى مصر بعد عودتها إلى بلدها عندما رفعت دعوى قضائية أكدت فيها أنها قضت إجازتها في المستشفيات المصرية بسبب طعام مسمم تناولته، لكن القضاء اكتشف زيف كلامها وأنصف مصر.
أمثلة كثيرة تؤكد أن السياحة في مصر تتعرض لمؤامرة وعلينا أن نبتكر حلولًا غير تقليدية للمواجهة والنهوض من الكبوة، وزارة السياحة عليها أن تضخ دماء جديدة في مكاتبها بالخارج، وعلى هيئة الاستعلامات رصد ما يكتب لنعرف من معنا ومن علينا.. لجنة السياحة والطيران المدنى بالبرلمان سعت طوال دوري الانعقاد الأول والثانى جمع وزراء السياحة والطيران المدنى والبيئة والتنمية المحلية والاستثمار والآثار على طاولة واحدة، ناقشت اللجنة مع الوزراء العديد من القضايا، وقدمت حلولًا للبعض الأخر، وأصدرت العديد من التقارير التي تتضمن مشروعات تعيد إلى مصر مكانتها السياحية، بل إن اللجنة زارت العديد من الأماكن ولمست سلبيات كثيرة طالبت بالتعجيل في إزالتها، ولعل أبرز المشروعات التي قدمتها اللجنة رحلة العائلة المقدسة وتطوير منطقة الأهرامات وبعض المحميات وفى مقدمتها الموجودة بالفيوم.
حلولًا كثيرة مبتكرة رصدتها في جدول أعمال لجنة السياحة والطيران المدنى للنهوض بالسياحة شارك فيها كبار الخبراء أتمنى أن تلتفت إليها الوزارات المعنية وأتمنى نشر الوعى السياحى لدى المواطن حتى يدرك أهميتها بالنسبة للاقتصاد ولن يأتي هذا إلا بتكاتف كل الجهود حتى تخرج السياحة المصرية من عنق الزجاجة.
basher_hassan@hotmail.com