رئيس التحرير
عصام كامل

حسام الملاح.. صانع الدهشة


كنت واحدًا من ثلاثة صحفيين حضروا الاحتفالية، العدد كان محدودًا بسبب ضيق المكان، فلم تكن العوامة العتيقة في حضن نيل إمبابة تتسع لأكثر من ثلاثين شخصًا.. استمعنا إلى شرح من الدكتور سيد عبدالخالق، رئيس جامعة المنصورة، في ذلك الوقت عن الجهد المبذول في مستشفيات الجامعة حتى تستقبل المرضى من باقى أقاليم الدلتا، أبهرنا الدكتور أحمد شقير بإنجازات مركز الكلى التابع للجامعة، والذي كان يرأسه في ذلك الوقت الذي مضى عليه أكثر من أربع سنوات، وبمشاعر الأب الذي استقطع جزءًا من جسده لينقذ ابنته.. استمعنا إلى الأب الإثيوبى الذي تبرع بإحدى كليتيه لابنته التي عانت لفترة طويلة من الفشل الكلوى وكيف أنه ولد من جديد بعد إنقاذ ابنته خاصة بعد أن نجحت الجراحة، ثم شاهدت الفرحة على وجه الابنة وهى توجه الشكر لجامعة المنصورة، وقالت الابنة وهى تمسك بيد والدها إنها أبت أن تحتفل بنجاح العملية إلا في وجود من أجروا لها الجراحة ومن استقبلوها في جامعة المنصورة، لم أسترح لما سمعته من محمود درير، سفير إثيوبيا السابق، عندما انفردت بالحديث معه لدقائق، حيث تطرق للحديث عن مياه النيل وكيف أن بلاده لم تستفد منها مثلما استفادت مصر.


كل ما ذكرته ليس بيت القصيد في هذا المقال، فقد جرجر الدكتور حسام الملاح، مساعد أول وزير التعليم العالى للعلاقات الثقافية والبعثات وشئون الجامعات، ذاكرتى إلى استدعاء هذه الاحتفالية بتفاصيلها، ولماذا الدكتور الملاح؟ لأنه كان أكثر من أثاروا انتباهى في كل من حضروا، حيث فاجأنا بدخوله العوامة بصحبة حسن مالك القيادى الإخوانى وأحد أعمدة الاقتصاد في جماعة الإخوان ومعهما مجموعة أخرى من أعضاء الجامعة. 

ظل الملاح ملاصقًا لمالك في كل تحركاته.. لم تمر دقيقة واحدة إلا ومال بفمه على أذنه ليرد مالك بإيماءة أو إشارة، تنقل الملاح بين عدد من المدعوين وخاصة المسئولين في مركز الكلى.. يتحدث إليهم لدقائق ثم يتوجه إلى حيث يجلس حسن مالك ليميل بفمه على أذنه، ثم يضع مالك يده في جيبه ويقدم للملاح عددا من الكروت الشخصية، يقدمها الأخير لعدد معين من المدعوين..

جلست وصديقي نراقب فوجدته في حالة ذهول، ولم يقطع وجومه سوى ضربه كفًا بكف.. فالدكتور حسام الملاح طالما حدثه عن قربه من المحيطين بالرئيس الأسبق مبارك.. وكيف أنه يسعى ليكون أحد فريق الأطباء المعالج له، بل إنه كان يفخر بعلاقاته مع رموز الحزب الوطنى، وكان سؤال صديقي: كيف تحول بهذا الشكل ليكون أحد المقربين من هذه القيادات الإخوانية؟!

غادر حسن مالك العوامة وخلفه حسام الملاح تاركًا الدهشة تعتري وجه صديقي وعلامات الاستفهام الكثيرة لأسئلة جالت بخاطري وأبرزها يرتبط بالقدرات التي يمتلكها شخص حتى يتحول إيمانه بنظام ثم يكفر به ويؤمن بنظام آخر ما بين يوم وليلة؟

لم أكن أعرف الدكتور حسام الملاح إلا في هذا اليوم.. بل إن تلاحق الأحداث نأت به عن اهتماماتي الصحفية، لكن عاد ليفرض نفسه بتوليه منصبه الحالي في وزارة التعليم العالي، والذي لا يزال مثار دهشة للعديد من رؤساء وأساتذة الجامعات، وطالما تقدم رؤساء الجامعات بشكاوى إلى وزير التعليم العالى السابق بسبب تصريحات الملاح التي رأوا فيها إهانة لهم لكن دون جدوى، انتظروا رحيله مع الوزير السابق إلا أنهم فوجئوا به في منصب أعلى مع الوزير الحالى.. هل لأنه كان وكيل كلية طب أسنان بجامعة عين شمس التي كان عميدها الوزير الحالى؟ أم أن الملاح قادر على تطويع إمكاناته وقدراته مع أي نظام؟

أنا أستبعد ما يردده الملاح عن أنه مسنود لأن هذه الكلمة لم تعد صالحة للاستعمال، ربما علقت في ذهنه من أنظمة ولت، الدهشة التي شاهدتها على وجه صديقى عندما شاهد تصرفات حسام الملاح في احتفالية حضرها قيادات من الإخوان منذ أكثر من أربع سنوات، هي الدهشة التي شاهدتها على وجوه بعض رؤساء الجامعات بعد تولى الملاح هذا المنصب وبعد قفزاته السريعة في السنوات الأخيرة ليصل إلى ما لم يصل إليه غيره، هي أيضًا نفس الدهشة التي تملكتني عندما قرأت ملف الملاح وتجوله بين الجامعات.

كثيرون يتحدثون عن الملاح صانع الدهشة.. لكن وزير التعليم العالي -الصديق الصدوق للملاح- ما زال يضع بين يد الملاح (مفتاح الكرار).
basher__hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية