اكتشافات المعتز عبد الفتاح المذهلة في «ماسبيرو»!
في احتفاله بذكراها الـ 65 اختار الدكتور المعتز عبد الفتاح أن يقدم اكتشافات جديدة عن الثورة لم يتوصل لها أحد من قبله.. وطبعا لن يتوصل إليها أحد من بعده.. الاكتشافات قالها ضمن "احتفاله" بالثورة على برنامجه بقناة "نايل لايف" التابعة للهيئة التي لديها تعليمات عليا ومشددة بالاحتفال بالثورة بشكل بارز جدا! ليكون بالنسبة لنا اكتشافا جديدا أن الدكتور عبد الفتاح لم "تفلت" قناة نايل لايف من تحت يديه وأنه يقدم فيها برنامجا هي الأخرى لتكون برامجه بذلك موزعة على سائر قنوات ومحطات الإذاعة والتليفزيون طبقا لخطوط الطول حتى يتمكن سائر المشاهدين والمستمعين من متابعتها!
الاكتشاف الأول أن عبد الناصر وزع أراضي الإصلاح الزراعي على الفلاحين فتسبب ذلك في زيادة نسبة المواليد لأن الفلاحين أصبح لديهم فدان واتنين! آه والله !! طيب بعد تقديم الأسف والاعتذار يا دكتور المعتز عبد الفتاح أن الثورة أعادت ملايين البشر إلى الحياة الطبيعية الآدمية فصار لديهم نفس للإنجاب.. لكن الدكتور عبد الفتاح لم يفسر لنا سر ثبات نسبة-نسبة- الإنجاب في مصر منذ عهد محمد على حتى الآن رغم أن الأخير احتكر أرض مصر كلها لنفسه وبذات الفلاحين قبل حصولهم على الفدادين القليلة؟!!
ولم يفسر لنا سر أن نسبة الزيادة السكانية تقريبا واحدة في المحافظات الحضرية والريفية.. فبولاق الدكرور والبساتين ودار السلام كلها تحمل ألقاب "الصين الشعبية" كناية عن الكثافة الكبيرة رغم أنها في القاهرة والجيزة؟ ولم يفسر الدكتور عبد الفتاح سر استمرار بل وارتفاع نسبة الزيادة السكانية السنوات الأخيرة دون أن يحصل المصريون على أراض ولم يوزع عليهم لا فدان ولا أكثر بل وفي ظل رفع الدعم وارتفاع الأسعار وبشكل غير مسبوق؟!
والاكتشاف الذي يليه هو أن الثورة تحدثت عن القضاء على الاستعمار ولكنه مات وسيناء محتلة! ويبدو أن الدكتور المعتز بالله كان مسافر خارج البلاد ولا يعرف أن مصر رفضت الهزيمة ولم تفعل ما فعلته دول أخرى وحاربت بعد النكسة بأيام وخاضت حرب الاستنزاف وشيدت حائط الصواريخ وعبرت القناة وانتصرت في 73 !! وربما سيقول أنها انتصرت بعد رحيل عبد الناصر وهنا نبلغه أن عبد الناصر كان رئيسا لدولة عريقة مش مأجر مصر مفروش أو واخدها بنظام حق الانتفاع وعليه فلوس لسه مسددهاش!!! ومن جاء بعده كان عضوا بمجلس قيادة الثورة التي نحتفل بها وأحد قادتها!! والمعركة كانت معركة الشعب كله كما كانت معركة تأميم القناة وبناء السد وبناء مصانع التصنيع الثقيل وكما كان توزيع الأرض على الفلاحين الغلابة!
أما اكتشاف أن التعليم غير مجاني فيدفعنا لإبلاغه بأخطر اكتشاف فات الدكتور المعتز بالله وهو أن عبد الناصر رحل إلى جوار ربه منذ 47 عاما كاملة.. أما كلامه عن الديمقراطية وأنها لم تتحقق فنبلغه أيضا اكتشاف آخر أن عبد الناصر كان يحكم بالشرعية الثورية وأن مرحلته كانت مرحلة إجراء التحولات الاجتماعية الكبري التي تتصادم مع الديمقراطية بشكلها التقليدي المعروف.. فأي حرية مطلقة لتملك الصحف أو أي انتخابات برلمانية كانت ستكون بالكامل من نصيب الأثرياء وكبار الملاك وبالتالي سيسيطر هؤلاء على التشريع وبالتالي فكأن لا ثورة قامت ولا تغييرا قد تم.
كان على الثورة أولا إجراء تحولاتها وإعداد الناس في التعليم والثقافة والوعي بعد حرمان طويل من حقوقهم الأساسية وفي ظل أمية تجازوت الـ 80 % بحيث لا يسيطر على آرائهم أي جماعة أو فئة.. ولكن كل ذلك توقف بعد رحيله ورأينا بعده بسنوات طويلة كيف يتم الحصول على أصوات الناس باسم الدين أو بضغط الحاجة لنتأكد أنه كان على حق!
الاكتشاف الثالث سخريته من تعبير "سيطرة رأس المال على الحكم" وأنه مصطلح "ناصري فقط" وأن كل دول العالم بها أغنياء وفقراء!! طبعا الدكتور المعتز بالله لا يعلم أننا نعلم أن كل دول العالم بها فعلا فقراء وأغنياء وأننا ربما سبقناه لهذه المعلومة الرهيبة لكن عبد الناصر لم يتحدث عن محو الأغنياء من الوجود أو قتلهم أو حرقهم أو قطع أرجلهم من خلاف.. إنما الرجل تحدث عن منع الاستغلال ومنع سيطرة رأس المال على الحكم كما جرى من الحزب الوطني وكما فعل أحمد عز ووجه التشريعات لمصلحته وهو ما أدي إلى مخالفات يحاكم عليها حتى اليوم!! المدهش أن الدكتور عبد الفتاح يعرف أن كل رجال النظام السابق يتسابقون للتصالح مع الدولة ورد الأموال!! فمن أين جاءت الأموال ؟؟ جات لوحدها أظن؟؟!
المثير أن الدكتور المعتز بالله ينسب كل الإجراءات للثورة ولكن ينسب كل الاكتشافات التي توصل إليها إلى عبد الناصر وحده!!
ثورة يوليو التي أسست للنظام الجمهوري في مصر وهي رمزه ولها تقديرها واحترامها تظل عملا بشريا خالصا أصابت كثيرا وأخطأت ويمكن انتقادها ولكن بشكل موضوعي وصحيح نستفيد منه للمستقبل.. ولذا نحزن أن يكون ذلك تفكير أستاذ في العلوم السياسية!! ليس لأنه تعلم في الجامعة الحكومية المجانية التي ينتقدها.. وإنما لأنه سيجعلنا نعذر الكثيرين ممن لم يدرسوا العلوم السياسية ولا يقدمون أنفسهم باعتبارهم نخبة البلد ولا يقدمون برامج في سائر قنوات ومحطات التليفزيون المصري الذي أسسه عبد الناصر للارتقاء بوعي الناس وعقولهم ووجدانهم.. و..و لا حول ولا قوة إلا بالله!