عفوا أستاذة نشوى!
احتفلت الأخت والزميلة العزيزة جدا الأستاذة نشوى الحوفي ببرنامجها الإذاعي الممتع على شبكة البرنامج العام مبكرا بثورة يوليو.. وقدمت التحية لها ولمن صنعوها ثم أوضحت لمستمعيها حقيقة بعض الأكاذيب التي انطلقت تستهدف الثورة ومنها أكذوبة أن "مصر كانت تقرض بريطانيا أيام الملكية" وعدد آخر من الشائعات السخيفة وفندتها بطريقة رائعة.. إلا أنها وفي حلقة أمس الأربعاء قالت إن كلامها لا يعني أن هناك أخطاء ومنها تفتيت الأرض الزراعية وأن الحل كان في الجمعيات الزراعية كما قالت إن القضاء أو "تكسير" القطاع الخاص لم يكن صحيحا!
وللأمانة لا نعتقد أن أختنا العزيزة ممن يخضعون للابتزاز.. وأن عتابا من البعض دفعها لتوجيه بعض الانتقادات في اليوم التالي، كنوع من الانحياز للموضوعية.. لأنها أيضا أمس استكملت مدح الثورة ورجالها.. ومع ذلك وعتاب بعض العتاب نتأكد من قبولها له ونقول إنه آن الأوان أن نرد على هذا الكلام عن تفتيت الأرض الذي يتردد كثيرا.. ونوقف حلقاتنا اليوم عن "التأخون اللاإرادي" لنرد على الأستاذة نشوى..
وردنا ليس إلا استكمالا للحوار الدائم الممتد مع الأستاذة نشوى.. ونقول وبعيدا عن مصدر هذا الشائعات وهم متضررو الإصلاح الزراعي ومعهم الإخوان إلا أن الرد بسيط جدا وهو أن الثورة أسست الجمعيات الزراعية بالفعل بل وطورت بنك القرية، حتى إن مركز الأرض المتخصص في دراسات الأرض والفلاحين يقول في إحدى الدراسات المهمة حرفيا:
"صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 ونصت مواد القانون على وجوب إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية في الأراضي التي وزعت على صغار الفلاحين، وقد نجحت تعاونيات الإصلاح الزراعي في مد أعضائها بالقروض والسلف بضمان المحصول دون التقيد بضمان الأرض وتوالت القرارات والقوانين المنظمة لعمل هذه الجمعيات ومنها:
القرار الجمهوري رقم 267 لسنة 1960 بشأن المؤسسات العامة التعاونية والقرار الجمهوري رقم 2137 لسنة 1960 بإنشاء المؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 الذي تضمن أن يعتبر حائزًا كل مالك أو مستأجر يزرع أرضا ويعتبر في حكم الحائز مربى الماشية كما تضمن إعداد بطاقة حيازة لكل عضو حائز يصرف بموجبها مستلزمات الإنتاج، القانون رقم 105 لسنة 1964 الذي بمقتضاه تحول بنك التسليف الزراعي والتعاوني إلى "المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني" على مستوى الجمهورية وتمويل الإنتاج الزراعي وتوفير المستلزمات المختلفة لهذا الإنتاج.
وفي ظل هذه القوانين والقرارات والنظم زاد عدد الجمعيات التعاونية حتى شمل جميع قرى الجمهورية بلا استثناء، كما زادت معاملات الجمعيات التعاونية الزراعية وأعضائها ورؤوس أموالها واحتياطاتها وصارت جميع الخدمات الزراعية للفلاحين تؤدي لهم عن طريق الجمعيات التعاونية"..
وما لم يقله المركز إن الجيل الأول الذي تسلم الأرض في قانوني الإصلاح الصادرين عامي 52 و62 كان أغلبيتهم الكاسحة على قيد الحياة ولم يحدث التفتيت بالتوريث.. إنما تم ضرب قانون بنك القرية عام 76 بالقانون 117 الذي فرغ عمل البنك من مضمونه وتحول إلى بنك الائتمان الزراعي والذي تحول من رعاية الأرض إلى رعاية الفلاحين وأصبح متخصص في قروض السلع المعمرة!
لأول مرة في تاريخ مصر- في هذه الفترة- تزيد الرقعة الزراعية بنسبة أكبر من زيادة السكان، حيث بلغت 15 % زيادة توزعت على مديرية التحرير والوادي الجديد وغيرها، وضربت محاصيل القطن رقما قياسيا عام 69- نكرر سنة 69 أي بعد النكسة- بلغت 10 ملايين و800 ألف قنطار، بينما دخلت محاصيل أخرى للتصنيع كحالة شركتي قها وإدفينا ولم يتراجع المحصول ولا الزراعة ولا الأرض بينما كان القطاع الخاص غير المستغل موجودا ولم يلغ بل كان أحد مكونات تحالف قوي الشعب العامل بمسمى "الرأسمالية الوطنية"!
عبد الناصر لقي ربه منذ سبعة وأربعين عاما كاملة.. حاسبوا من جاءوا بعده!