رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وانفجار الأوضاع في الخليج !


يبدو تأجيل الدول الأربع المهلة الممنوحة لقطر بناءً على طلب الكويت لكسب الوقت لمزيد من التشاور خارج المنطقة العربية لأهمية الإجراءات المقبلة وليس منح الفرصة لقطر.. لكن عندما قامت الدول الأربع باتخاذ الإجراءات الأولى ضد قطر كانت تعلم تمامًا بالسيناريو كله.. بما فيها خطوة المطالب الـــ 13 وتعرف أيضًا أن قطر سترفضها.. وقطر تعرف أن المطالب مستحيلة وأنها مقدمة إما لتركيع قطر أو لرفضها وبالتالي الانتقال إلى المرحلة الثالثة من المواجهة مع تميم !


نحن الآن في هذه الثالثة.. وحاكم قطر يدرك أنه فيها.. وأن الدول الأربع مقدمة على التصعيد ولذلك لم يهتم بالرد على المطالب ولا مناقشتها ولا حتى التفاوض للتوصل إلى حل وسط بشأنها وإنما اهتم أكثر بتوفير احتياجاته اليومية من إيران ومتطلباته الأمنية من تركيا وسافر وزير الخارجية القطري إلى أمريكا وأوروبا وكانكل ذلك ردا مبكرا برفض المطالب!

الآن.. ماذا يمكن أن يحدث في الأيام القليلة المقبلة؟ للإجابة يجب البحث عن دوافع كل أطراف الأزمة.. فالسعودية سحبت نفسها وبذكاء من معسكر الدول التي ترعى بعض الجماعات الإرهابية خصوصًا في سوريا ومن وصف المؤسسة الدينية بها على أنها بئر التطرف الحقيقي التي شربت وغرفت منها جماعات التشدد و"شالت" قطر بمفردها القصة كلها وهو السبب الذي دعا وزير الخارجية القطري إلى التلويح أمس بتسريب مستندات تثبت تورط الجميع عندما قال إن "قطر تقع في ذيل الدول التي تدعم الإرهاب"!!

الإمارات والبحرين في حالة تنازع قديم مع قطر على النفوذ والدور، فضلا عن خلافات حدودية كادت أن تشعل الساحل العربي من الخليج كله، بينما مصر وحدها من تعاني من قطر وحليفتها تركيا.. فنصف المطلوبين للقضاء المصري في الدوحة ونصفهم الآخر في انقرة.. ونصف القنوات والصحف التي تهاجم مصر في الدوحة ونصفهم الآخر في أنقرة.. وهذا الحلف القطري التركي هو الذي لعب الدور الأكبر في تدمير الشقيقة سوريا..

تبقى إيران.. التي ربما تريد تغيير معادلة المواجهة مع السعودية على الأرض لكنها من المؤكد تلعب مع قطر لعبة روسيا مع تركيا بإبعادها عن اللعبة في الأزمة السورية إما بالحوافز أو بالمخاطر.. وقد حل دور المخاطر على قطر بالأزمة الأخيرة كما حلت على تركيا بظهور طموحات الأكراد في سوريا!

السعودية تعلن كل يوم أنها في مواجهة مع إيران.. والتالي تعلن بشكل أو بآخر استمرار دورها في سوريا لإسقاط الرئيس الأسد ورغم تباعد ذلك إلى حد الاستحالة لدرجة أن الرئيس الأسد يتعامل بثقه ويطبع لأول مرة أمس صورته على العملة السورية الجديدة، لكن تبدو فكرة المواجهة المباشرة مع إيران دون إسقاط الأسد أولا واردة.. وإيران أرسلت صواريخها على داعش كما كتبنا قبل أيام لكن رسائل الصواريخ لم تكن لداعش وإنما إلى إسرائيل والرياض.. وسط هذا كله.. ما الموقف الأفضل لبلادنا؟

خاصة أننا أصحاب الحق الأصيل في عقاب قطر من معاناة مريرة لدعمها المجرمين الإرهابيين وللتحريض الدائم ضدنا وإنفاق الأموال بلا سقف لإرباك مصر بأي طريقة ممكنة؟ أين تقف مصر؟ مصر تدرك كل ذلك والأدلة عديدة أبرزها موقفها المختلف مع الخليج في سوريا وثوابتها الخمسة معروفة حتى كادت أن تعصف بالعلاقات مع السعودية ذات يوم.. ومصر صاحبة العلاقات الجيدة مع العراق ومصر التي تشارك في التحالف في اليمن دون المشاركة في القتال حتى كانت مرشحة من أطراف الصراع للإشراف على التفاوض.. مصر هذه ماذا عليها أن تفعل ؟ الإجابة تستحق مقالا منفردا..
الجريدة الرسمية