رئيس التحرير
عصام كامل

العائدون من «الإخوان» !


نوع من الأسئلة عند طرحه بأثر رجعي يكون الأمر مضحكًا وعند الإصرار عليه يصبح الأمر سخيفًا.. منها سؤال: هل كان جمال عبد الناصر إخوانيا؟ ليس فقط لأن الأعمال بخواتيمها وإنما لأن عبد الناصر هو الوحيد الذي استطاع في عصره تحجيم الإخوان إلى حد القضاء التام عليهم.. فالتنظيم الوحيد بعد حادث المنشية الذي ظهر في عهده ضم ثلاثمائة عضو فقط.. وهو رقم يقل عن عدد الإخوان في عدد كبير من قرى مصر.. ولم يحدث ذلك بقوة القبضة الأمنية، كما يظن البعض إنما بالتنمية الشاملة التي وفرت فرص التعليم والعلاج والوظيفة لكل شباب مصر..


ولذلك يكون تأصيل قصة "أخونة" عبد الناصر مهمة خاصة للمؤرخين والمتخصصين في الشأنين العام و"الإخواني" لتكون كلمتهم للتاريخ وحده ومعلوماتنا أن الأستاذ الخرباوي أوشك على الانتهاء من كتاب سيكون مهمًا في هذا الموضوع!

ولذلك فسؤالنا اليوم عصريا خصوصا ونحن في رحاب أجواء وردود أفعال مسلسل "الجماعة" ونسأل: هل يمكن أن يتراجع "الإخواني" ويعود إلى رشده وصوابه مواطنا طبيعيا وإنسانا سويا؟ ومن يطرحون السؤال بهذه القسوة معذورون لما يعرفونه من خضوع الإخواني منذ انضمامه لمبدأ السمع والطاعة يقرأ ما تفرضه الجماعة ويشاهد ما تسمح الجماعة بمشاهدته ويسمع ما تسمعه الجماعة حتى وكأن الجماعة بشحمها ولحمها التي بيننا تمشي على قدمين ولها لسان وشفتان!

المصريون -ولهم عذرهم- يرفضون في غالبيتهم تصديق فكرة مراجعات الإخواني وإنه لا يوجد إخواني تائب أو عائد من ظلام الجماعة!

للأسف هؤلاء ورغم عذرهم لا يعرفون الفرق بين من يتركون الجماعة لخلافات تنظيمية ترتبط بالنفوذ داخل الجماعة والأمثلة عليها عديدة بلغت فضائحها الصحف ووسائل الإعلام ومنها من بلغت شظاياه حد الاتهامات المالية والتزوير الانتخابي وكلها قصص تصفية داخلية لا علاقة لها بأي مراجعات فكرية وأيديولوجية!

أما من نقصدهم ونعتز بهم فهؤلاء ممن كان رفضهم لإلغاء عقولهم وذواتهم السبب الأول الذي أدى في النهاية تركهم الجماعة غير مأسوف عليها.. حتى لو بدأت المراجعات الشرعية فيما بعد ومعها قراءة جديدة لأفكار حسن البنا نفسه اكتشفوا فيها أن فكر التكفير بدأ معه وليس مع سيد قطب!

هؤلاء يتقدمهم أمير العائدين من ظلام الإخوان الأستاذ ثروت الخرباوي الذي كفر عن سنوات وجوده بها بسنوات أخرى في الجهاد ضدها وضد أفكارها ولا يفعل ذلك إلا قوي الحجة سليم السيرة لا يطوله أي تجريح حتى بالافتراء والذي اعتادت الجماعة عليه حتى بلغ حد التجريح في أعراض أسرة الشيخ الباقوري بالباطل !!

وبعد الخرباوي -ومع حفظ الألقاب للجميع- توجد أسماء عديدة مهمة عادت لنفسها قبل أن تعود لصحيح دينها ولشعبها منهم الأساتذة المحترمون الدكتور خالد الزعفراني ومختار نوح وأحمد بان وإبراهيم ربيع وسامح عيد وهيثم أبو زيد وآخرون لينضموا إلى قائمة الفارين بأنفسهم من جماعة الشر من شيوخنا الكبار، منهم الشعراوي والغزالي ووزيرا الأوقاف المتعاقبان أحمد حسن الباقوري والدكتور عبد العزيز كامل ليعطوا الأمل في إمكانية تفكيك الجماعة خصوصا في عصر الإعلام الجديد المباشر بشرط إدارته إدارة جيدة ممن يعنيهم الأمر ولا يتبقى إلا القول إن مصطلح الإخواني المنشق غير دقيق، حيث توحي بإمكانية رأب الصدع مع الجماعة بشروط ما، بينما نرى أن مصطلح الإخواني السابق أو الخبير بالشأن الإخواني أفضل وأكثر لياقة.. علمًا بأن التشكيك في صدق نيات هؤلاء جميعا يخدم الإخوان بل ربما هم أسباب الحملة ضدهم بهدف التأثير سلبًا فى روحهم المعنوية!! سلام على العائدين إلى الوطن.. "الأوابون" ممن عادوا إلى الحق بعد أن عرفوه!
الجريدة الرسمية