اعدموه على باب محافظة الإسكندرية!
وسط كل الزحام بكارفور الإسكندرية ثاني أيام عيد الفطر، ورغم حالة الاستنفار عند جموع المصريين ضد التحرش، ورغم وجود الكاميرات في كل مكان، ورغم وجود أمن المكان فإنه تحرش بها، وتطاول في تحرشه مما أدى إلى صراخ واستغاثة مدوية أدت إلى الإمساك به وتوبيخه وتعنيفه بل الاعتداء عليه للتمكن من السيطرة عليه، لحين وصول أمن المتجر الكبير الشهير، والذي قام بدوره بإبلاغ الشرطة التي حضرت وقبضت على المتحرش وانتقلت به إلى قسم شرطة محرم بك..
وهناك كان منطقيا إبلاغ أسرتها وتحرير المحضر الذي أنكر فيه المتهم الاتهامات التي وجهت إليه، إلا أن الإسكندرانية ضربوا بشهامتهم المثل، فلم يتخلوا عن الفتاة ليس حتى وصول الشرطة فقط وإنما حتى الإدلاء بشهادتهم وأكدوا أقوال المجني عليها، التي وصل والدها إلى القسم واقترب الشيخ المسن من غرفة التحقيقات لا يعرف ماذا جرى ليشاهد ابنته تبكي.. اقترب منها.. هرولت إليه.. احتضنها.. مسح دموعها بيديه فقد اعتادت أن تكون يده اليد الحانية التي تطمئن بها وبصاحبها..
ابتسم عندما تأكد بنفسه أنها بخير وأنها بين يديه وأنها عند ظنه بها فلم تفعل ما يخالف تربيتها ولم تقبل بالصمت على ما طالها من سوء تربية، إلا أنه وحسرة على فلذة كبده يفقد كل قوة أوصلته للمكان ليسقط مغشيًا عليه، ليطلب له رجال الشرطة الإسعاف بسرعة لكن قدر الله نفذ، وفارق الرجل الحياة !
كذا نقلت لنا "فيتو" عبر زميلينا العزيزين من الإسكندرية خالد الأمير ومحمد على !
الآن.. وماذا بعد في ظاهرة التحرش؟ كيف نوقفها وهي تتجاوز وصف الجريمة إلى وصف المرض الاجتماعي المزمن والخطير؟ ومتى يعود للشارع المصري انضباطه؟ ومتى تعود إليه أخلاقياته وقيمه؟ وما ذنب هذه الفتاة المسكينة لتفقد أغلى الناس لها وتفقد أسرة بكاملها ربها بسبب استهتار وسفالة وانعدام تربية لشخص مستهتر ومنحط ؟
ومتى تستطيع الأسر المصرية السير في شوارع بلادها؟
ندرك أن الأزمة كبيرة وتعكس أزمة جيل كامل كان إفرازا لتخلي الدولة عن دورها الثلاثين عامًا الماضية فقد فيها التعليم هدفه ومقوماته حتى بلغ الأمر إلغاء الحضور والانصراف وتوارت "التربية" من تعريف الوزارة أما عن العبث بالمناهج وتبديلها فحدث ولا حرج وصار الأمريكان مشاركين في إعداد التعليم المصري !
فضاعت كل صور الانضباط كما ضاع الإعلام مسحوقًا تحت ظلال هجوم الإعلام الخاص والأجنبي مع فشل ذريع لفاشلين حوكموا بسبب اتهامات تخص المال العام.. كثير أو قليل.. ولم يحاكمهم أحد بتهمة ضياع مجتمع بأكمله!
كما أننا ندرك أن هؤلاء المتحرشين لا يقرءون الصحف ولا يعرفون شيئا عن تشديد العقوبات وتعديل القوانين لكنهم قطعًا سيعرفون أن حكم القضاء بروح القانون ليثأر للأسرة وفقيدها ولمصر كلها ويحكم بإعدام المتهم تحت أي تكييف قانوني وعلي رمز الإسكندرية وعلي أبواب ديوانها العام.. عندئذ وعندئذ فقط سيعرف كل أوباش التحرش أن الدولة شددت العقوبات وسيكون عبرة لمن يعتبر خلاف ذلك ستبقى الأزمة في مصر طويلا وهي من بين الإرث الثقيل المرحل من سنوات الفشل الشامل !
ننتظر عزاء محافظ الإسكندرية لأسرة الفقيد، وليمسح دموعهم هو وكل مسئول قادر على مشاطرتهم الأحزان!