رئيس التحرير
عصام كامل

رافع والدسوقي.. وداعا !


أحزان كثيرة الشهور الماضية لأحباب فقدناهم وكلهم رائعون طيبون، بغيابهم افتقدنا أشياء كثيرة، لكننا نؤمن أن الأحزان ينبغي أن تبقى لأصحابها بينما تكون الفرحة والبهجة للجميع، وأنه لا داع لإزعاج غيرنا بما يشغلنا أو توزيع الهم عليهم وفيهم ما يكفيهم..

لكننا نستأذن اليوم وللفجيعة الكبيرة أن يكون للحزن الشخصي نصيب وفي الكتابة عن زميلين وصديقين عزيزين غاليين افتقدناهما أمس، وبين رحيل الأول عن الثاني ساعات قليلة وكلاهما انتصر عليه مرض الكبد اللعين، بعد أن تدهورت الحالة خلال السنوات الماضية قبل اكتشاف سوفالدي وغيره مما وصفناها وقتها بأنها هدية من السماء ومن العلم لملايين المعذبين!

محمود رافع.. من يعرفونه ستملأ عيونهم الدموع الآن أن ذكرتهم بابتسامته التي يستقبل بها الجميع وطلعته المبتهجة المبهجة واستقباله الكريم لكل من يلتقيه، حتى أنه يشعرك أنه يمتلك الشارع فما أن يراك في أي مكان إلا ويريد أن يستضيفك حتى بعيدا عن جريدته المسائية التي تحولت إلى الأخبار المسائي..

أحمد الدسوقي.. ابن مؤسستي الصحفية الأولى وأحد أبرز محرري الأحرار اليومية في عصرها الذهبي وقت أن انطلقنا معا ومع آخرين من أكفأ أبناء المهنة ووقت أن كانت في صدارة الصحف اليومية.. طاقة صحفية مبهرة تعمل في أنواع العمل الصحفي من التحقيقات إلى التقارير والأخبار وغالبا تجده على موعد مع مصادره الصحفية، فلم يكن يؤمن بشكل كبير بفكرة استخدام التليفون في الحصول على المعلومات.. وهو من القلائل ممن يعملون في المهنة وفق رؤية سياسية فقد كان ناصريا متشددا لا يؤمن بأنصاف الحلول، منحازا لجيش بلاده وثوابته لم تتغير لا في الانحياز المطلق للفقراء ولا عن أعداء مصر، فكانت إسرائيل في مقدمتهم مدركا أنها وراء أي خراب وكل خراب في منطقتنا كلها وأن عداءها لمصر لا ولم ولن يتوقف !

أما أحمد الدسوقي الإنسان فحدثوا ولا حرج.. بل حدثوا دون أي حرج.. إنه مثل محمود رافع ابنا ريف دلتا النيل العظيم تعلما فيه الأخلاق.. والأخلاق وكفى!

بالأمس -يا أعزاء- فقدنا صحفيين غاليين انتصر عليهما المرض وهما في عمر الشباب.. فكلاهما في منتصف أربعينيات عمره ولا يزيد.. انتصر عليهما المرض ولم ينهزما في مواجهة من قبل.. لا في اختبار يخص الشهامة والرجولة والكرم ولا في أي معركة تخص الوطن.. وستغيب ضحكة الاثنين ومعها أشياء غالية وعزيزة لا نملك مع غيابها إلا الدعاء لهما وأن يعوضنا في أبنائهما وأن يلهم أولادهما وأهلهما وزملاءهما في مؤسستيهما "الأخبار المسائي" ودار "أخبار اليوم" و"الأحرار"، وكذلك قرائهما وكل من قدما له خدماتهما التي طالما خدما الناس بها بحماس لا مثيل له، وبقناعة مطلقة بحق الغلابة في أي دعم يقدران عليه ولم يقصرا في ذلك قط.. نقول: أن يلهم الله الجميع كل الصبر وأن يدخلهما فسيح جناته !
وداعا زملائي وأصدقائي..
الجريدة الرسمية