رئيس التحرير
عصام كامل

عن الدكتور حمادة مراجع «الجماعة» !


التاريخ هو الحقيقة.. ووجهة النظر هي السياسة.. فمثلا.. التاريخ هو أن حركة لأبناء الجيش المصري تمت ليلة 23 يوليو 1952 تحولت إلى ثورة بعد ثلاثة أيام فور خروج الملك، لأنها بدأت التغيير الجذري للمجتمع ولشكل الحياة في مصر، لكن السياسة أن تصر على تسميتها انقلابا عسكريا بالمخالفة للتعريف العلمي للثورات المتفق عليه من كل مراكز ومعاهد وكليات العلوم السياسية في العالم كله.. وقانون الإصلاح الزراعي حقيقة وصدر فعلا.. أما هو قانون مفيد أو غير مفيد فهذه هي السياسة وهكذا!


الدكتور حمادة حسني واحد من هؤلاء.. تتداخل عنده الأمور فيخلط جهرا بين التاريخ والسياسة.. هذا ثابت ومؤكد بالصوت والصورة في حلقات ومناظرات وكتابات موجودة وموثقة وكل من غضبوا من أساتذتنا الكبار الكرام لاختياره مراجعا لمسلسل الجماعة عندهم ألف حق.. ولو شاهد المعترضون على ذلك بعض هذه الحلقات وكيف يتعصب "حمادة" وكيف يضحك أمام ضيوفه ومقدمي البرامج للتأكد على الفور أن ما يجري أمامه سياسة وليس تاريخا بل كراهية عمياء وربما سوداء لا منطق لها، وهذا مقبول من العامة أو حتى من النخبة غير المتخصصة في التاريخ.. أما أساتذة التاريخ فكلامهم بحساب ولا يخلطون فقط التاريخ والسياسة بل بين رؤيتهم للوقائع التاريخية والتاريخ.. فالأولى ملك لهم والثاني ملك للأمة وللحقيقة!

والقدر وحده الذي رتب لكاتب هذه السطور أن "يتزامل" مع ثلاثة مؤرخين "حته واحدة" في عضوية المجلس الأعلى للصحافة عام 2005 كأصغر أعضاء المجلس سنا والمرافقة ورغم الحرج الكبير أن الصدفة جعلت من يجلس بجواري باستمرار -أو للدقة أجلس بجواره- هو الدكتور عبدالعظيم رمضان أكبر أعضاء المجلس سنا وأشهر أساتذة التاريخ وقتها، ورغم الخلاف الكبير جدا معه لكن قيمته أدت لاحترامه، وبجانب المنصة التي كان يجلس عليها ويديرها صفوت الشريف كان هناك باستمرار الدكتور يونان لبيب رزق ومعه الدكتور رفعت السعيد ورأيت -والمجلس كان يضم نخبة مصر في كل المجالات- كيف يعامل المؤرخ -المؤرخ الحقيقي- وكيف يحترمه الجميع حتى ممن عرفناهم بعيدا عن الأعلى للصحافة أمثال أساتذة التاريخ الكبار الدكاترة عاصم الدسوقي وقاسم عبده قاسم وجمال شقرة !

تتبقى النقطة الأهم: من أدار من؟ وبدقة أكثر: من أدار مسلسل الجماعة ووجهة حيث شاء؟ الدكتور حمادة حسني أم الأستاذ وحيد حامد؟ الإجابة أمانة وهي تستحق مقالا خاصا خصوصا مع نضج العمل ووصوله إلى المحطات الملتهبة في تاريخ مصر وفي مشوار جماعة مجرمة وإلى أيام خالدة صنعها أشرف أبناء الجيش المصري العظيم، الذين وعلى يديهم استرد الشعب المصري كل شيء.. ليس بلده فحسب وليس ثروته فحسب وليس وعيه فحسب بل حتى الجيش نفسه الذي تحول من جيش "جلالة الملك" إلى "جيش الشعب"!
الجريدة الرسمية