الإخوان.. على مذبح المناورة !
كنا -وزملائي في قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط- نقرأ ونتداول كتاب الصحفي الكبير الراحل عبدالله إمام "عبد الناصر والإخوان المسلمون" وكتاب أستاذي العزيز الصحفي الكبير حسنين كروم متعه الله بالصحة "عبد الناصر المفترى عليه"، بينما الإخوان يروجون لكتب أخرى مثل "البوابة السوداء" لأحمد رائف و"أيام من حياتي" لزينب الغزالي، لكن رئيس القسم وقتها الدكتور عبد الله هدية -أطال الله عمره- انحاز للمنهج العلمي واختار طريقًا آخر.. حيث جاء إلينا بكتاب "الإخوان المسلمون على مذبح المناورة" للباحث طارق المهدوي.. والمهدوي باحث متميز جدا في العلوم السياسية أصدر كتابه المذكور في أوائل التسعينيات وهو ابن الكاتب اليساري الراحل إسماعيل المهدوي واستكمل ابنه مسيرته !
كان الكتاب يحلل العلاقة بين عبد الناصر والإخوان بغير عواطف ولا انحيازات والخلاصة -حسبما نتذكر- في كتابه أن عبد الناصر فقد الثقة في الإخوان مبكرا لكن دراسته للاستراتيجية بل تدريسه لها في الكلية الحربية أصقلته وخصوصا في التخطيط الاستراتيجي، فبينما كانت نية الإخوان هي توظيف عبد الناصر ورفاقه إلا أن عبد الناصر فعل العكس فاختارهم للتحالف معهم فإن لم يكن تحالفا فعلى الأقل تحييدهم ومنع خصومه -القصر والإنجليز- من استخدامهم ضد الثورة.. وبعد نجاح الثورة استطاع عبد الناصر توظيف الإخوان توظيفا صحيحا من خلال بعض الإجراءات الشكلية مثل الإفراج عن المعتقلين الإخوان وزيارة قبر حسن البنا ثم تم استثناؤهم من الحل عند حل الأحزاب السياسية وهنا يرى المهدوي أن ناصر رأى أنه ليس من الصالح حل الإخوان والأحزاب في وقت واحد.. فحل الأحزاب وأيد الإخوان بشدة، حل الأحزاب وبعد استتباب الأمور للثورة حل الإخوان، وعندئذ لم يساندهم أحد !
أثناء هذا كله استطاع عبد الناصر شق الجماعة ليس من خلال الشيخ الباقوري وحده بل إن أكثر أعضائها تطرفا وهو قائد الجهاز الخاص عبدالرحمن السندي سينحاز له في لحظة فارقة من الصراع ليخسر الإخوان بمناوراتهم الانتهازية المستمرة المعركة الأولى في عام 54 رغم دعمهم محمد نجيب وتبقى جولة أخرى في 65!
هكذا يكون الفرق بين الرؤية المنحازة والرؤية المنهجية التي تبنى على العلم ومناهجه، وهكذا تكون مفيدة العلوم السياسية! ولكن هل فعل "حمادة حسني" المراجع التاريخي لمسلسل الجماعة ذلك ؟ دعونا نكمل..