«قطع الرقاب» في الإسكندرية!
لم يكن الحال المايل لعشرات الأسر في الإسكندرية التي "مال" بختها مع الأبراج التي كانت تسكن بها وليد اللحظة، ولا حتى إفرازًا لسنوات ما بعد يناير 2011 كما يحاول البعض تصوير الأمر زورا وبهتانا، إنما نتاج 30 عاما ويزيد من الفساد، تمتد من الانفتاح في منتصف السبعينيات لم تشهد -وربما لن تشهد- له مصر مثيلا، بل إن سنوات ما قبل 2011 شهدت عشرات الحالات لسقوط أبنية بكاملها بمن فيها، وربما كانت "عمارة" مدينة نصر أشهرها بينما تصدعت عشرات المباني الحكومية التي دفع الشعب ثمنها من مدارس ومساكن شعبية بل مساجد ودور عبادة تصدعت وأصاب مرافقها الانهيار المبكر جدًا، بينما دخلت الأموال إلى جيوب المقاولين، وكان أغلبهم قيادات في الحزب الوطني المتحكم وقتها، وكان -طبعا- أصحاب الأبراج ورؤساء الأحياء وسكرتيرو عموم المحافظات ومساعدوهم أعضاءً في الحزب المذكور نفسه!
كان الفساد في المحليات والإدارات الهندسية جزءا من فساد عام وشامل طال المصريين المجني عليهم من الأكل الملوث إلى الهواء الفاسد، ولذلك أصيب أغلبهم بالصدمة عندما بدأت المواجهة الكبيرة مع الفساد منذ 2014 لحجم الفساد غير المسبوق وغير المعقول وإلى درجة أصابت المصريين بالإحباط بدلا من الإحساس بالأمل للمواجهة الشاملة مع فساد متجذر بات هو الأصل والشرف استثناء يتندر عليه الناس!
اليوم كم برجا آخر في الإسكندرية بني وارتفع بغير حق؟ وبغير أوراق؟ وبالمخالفة للقانون؟ وكم برجا آخر ارتفع بغير حق؟ وبالمخالفة للقانون وكم برجا آخر صدر له قرار إزالة ولم ينفذ مثل البرج المائل الذي صدر قرار إزالته منذ 2004؟ وكم فاسدا في العاصمة الثانية لم يلق عقابه حتى اليوم؟ وكم محافظة أخرى جرى فيها مثلما جرى بالإسكندرية وأطاح أحلام أبنائها بل أنهى حياتهم كلها؟ الأمر لا يتطلب فقط تحويله بالكامل للرقابة الإدارية وفتح ملفات عديدة بأثر رجعي، وإنما تتطلب وبالقانون "قطع رقاب" عديدة ليس فقط ثأرًا لمن دفعوا الثمن من شعبنا من أرواحهم وأموالهم وراحتهم وإنما يكون ردعًا لمن تسول له نفسه أن يكرر ذلك مستقبلا!