رئيس التحرير
عصام كامل

شركاء الإخوان في تزييف التاريخ!


الوفديون هبوا فجأة للدفاع عن مصطفى النحاس، وانهالوا بالاتهامات على الكاتب الكبير وحيد حامد في جريدة "الوفد" وعلي شاشة "صدى البلد" مع الإعلامية المرموقة عزة مصطفى، واتهموه أنه "فبرك" واقعة تقبيل النحاس ليد الملك! رغم أن الرجل راجع عشرات أن لم يكن مئات الوثائق والكتب التاريخية!


وقبل الدخول في تفاصيل قصص النحاس مع الملك، نود الإشارة أنه ومنذ عودة الوفد للحياة السياسية وصدور صحيفته عام 1984 وفتحها ومعها كل صحف الحزب فليس لها هم سوى الانتقام من ثورة يوليو، بعد أن هيمن كبار الملاك والإقطاعيين القدامي على الحزب، ولم يعد للأسف حزبا بالمعني المفهوم للأحزاب السياسية، بل صار تجمعا لأصحاب المصالح، مما دعا البعض إلى الدخول على خط المزايدات تقربا إلى رئيس الحزب وقتها، فؤاد سراج الدين الذي كان يحلو له أن يلقبونه بـ"فؤاد باشا"، والذي تسابق البعض لإرضائه فيمن يهاجم الثورة أكثر، حتى احتل أحدهم الصفحة الأخيرة، وتحولت على يديه إلى منبر لترديد كل أكاذيب الإخوان، بل وأكثر بعد أن صارت المصالح مشتركة، تجلت في فضيحة ترشح الجماعة على قوائم الوفد عام 1984..

حتى اعتبر بعض الوفديين الحقيقيين ومعهم عدد من مراكز البحث إن ما جري بالفعل فضيحة بكل المعايير، إذ كيف تترشح جماعة إرهابية على قوائم أكبر حزب ليبرالي في مصر! وظل الأمر هكذا حتى حاول الدكتور نعمان جمعة عميد حقوق القاهرة أن يبني حزبا حقيقيا ينهي حالة الثأر مع الماضي، وينتبه للنضال حول قضايا الحاضر والمستقبل وهي كثيرة، ودعا لوحدة كل الأحزاب المصرية حتى بدأ مقر الوفد يستقبل فعلا أغلب اجتماعات ومؤتمرات الأحزاب المصرية، ومن هنا بدأ الصدام الفعلي بين الوفد والسلطة، وبين نعمان والحرس القديم!

للأسف كثيرون لا يعرفون تاريخ بلادهم، لكن المدهش وجود حزبيين لا يعرفون تاريخ الأحزاب التي انضموا إليها، حتى أن قصة تقبيل النحاس ليد الملك فاروق قرأناها عشرات المرات، ونحن نخط الخطي في عالمي الصحافة والسياسة، بل إن اللواء كمال حافظ (رحمه الله) وكان مساعدا لمدير أمن القاهرة حتى نهاية الثمانينيات وانخرط في العمل السياسي، كتب في أوائل التسعينيات كتابا كاملا عن فضائح "الوفد"، حتى استفاض الرجل في واقعة "4 فبراير" الشهيرة، التي وصفها بالعار الذي يظل أبد الدهر، وكان سراج الدين حيا وكل رفاقه ولم يرد أحد!

هل يعرف الوفديون الجدد واقعة "4 فبراير" وكيف جاءوا للوزارة؟ ومن الذي أمر الملك بتعيين النحاس؟ وكيف كتبوا وثيقة استقالة الملك، وكانت جاهزة إن رفض أوامر المندوب السامي؟ وكيف حاصرت الدبابات القصر؟

التاريخ-يا سادة- في جعبته الكثير وفرق كبير بين التاريخ وحواديت "المساطيل" في أوكار الشرب الحرام بوسط القاهرة.. وفي التاريخ الكثير الذي ربما نكتبه وتفصيلا، ولكن المؤكد أن كل المصريين سيعرفون يوما ما كل الحقائق!

تبقي ملحوظة أخيرة: لم نكن نريد فتح أي جبهات جانبية غير جبهة الوطن كله ضد الإرهاب، لكن لا يصح التمادي في التجني.. يكفي ربع قرن من الشراكة مع الإخوان في جريمة تزييف وعي الناس! وليس بعد ذلك-الشراكة مع الإخوان وتزييف الوعي- جريمة!
الجريدة الرسمية