رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور حسن نافعة: جمال عبد الناصر لم يجرؤ على تعديل قاعدة الأقدمية بالقضاء

فيتو

  • نظام الرئيس السيسي يقود البلاد فرديا ولا يؤمن بالمؤسسات
  • المجتمع المصري يمر بحالة تجريف سياسي 
  • مصر لم تجد حتى هذه اللحظة من يحنو عليها 
  • قضية الطلاق الشفوي بالونة اختبار من النظام لاستقلال الأزهر
  • قانون الهيئات القضائية الأخير هو الأسوأ في تاريخ القضاء
  • الانتخابات الرئاسية المقبلة ستحظى باهتمام عالمى
  • إذا أردنا تحسين صورة مصر بالخارج علينا تحسين ملف الحريات والأمن
  • للمرة الأولى حماس توافق على إقامة دولة فلسطين على حدود 67 
  • إسرائيل تعتبر كل الأراضي الفلسطينية مباحة وتواصل التمدد حسب قدراتها العسكرية
  • "ترامب" يسعى للحصول على لقب "الرئيس الأكثر تأييدا لإسرائيل"
  • نقل وصاية "تيران وصنافير" إلى السعودية سيتبعه اتفاق أمني سعودي- إسرائيلي يفضي إلى تحالف ضد إيران
  • إسرائيل تسعى لإنشاء تحالف سني - إسرائيلي ضد إيران
  • السعودية ستكون هدف إسرائيل القادم بعد تحطيم إيران
  • قانون "الأزهر" الجديد يمس استقلالية المؤسسة العريقة ويؤثر على صورة مصر الإسلامية

أدارت الندوة: إيمان مأمون
أعدتها للنشر: سمر الورداني
عدسة: ريمون وجيه

محلل سياسي لامع، كاتب بارز، عُرف بآرائه الجريئة التي جعلته يحسب على صفوف المعارضة، غير أنه في حقيقة الأمر مواطن مصرى غيور على بلاده، يحلم بمستقبل أفضل تتحقق فيه أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، تستعيد مصر مكانتها الرفيعة إقليميا وعالميا، بعد أن تأثرت إثر التخلص من رئيسين متتاليتين بثورتين في خضم سلسلة الحروب المصيرية التي تعصف بكامل الوطن العربي من فقر، وإرهاب، وصراعات طائفية ومذهبية مازالت نهايتها غائبة عن الأفق.
الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حل ضيفا في ندوة "بصالون فيتو" ألقى خلالها الضوء على مستقبل المنطقة في ظل صعود نفوذ اليمين المتطرف بأمريكا وأوروبا، وتأثيره السلبي على القضية الفلسطينية، وكذلك ما طرأ على العلاقات المصرية السعودية من تحسن مؤخرا، علاوة على أهم الأزمات الداخلية المطروحة على الساحة السياسية في مصر.. وإلي أهم ما جاء بالندوة:


*دخل النظام في صراع مع بعض المؤسسات كمجالس حقوق الإنسان وقبلها الجماعة الصحفية، ومؤخرا الهيئات القضائية لماذا في رأيك اختار الدخول في هذه الصراعات وهل من شأنها التقليل من شعبيته؟
النظام يفضل أن يقود البلاد بشكل فردي، وكأنه لا يؤمن بالمؤسسات، وهذا أمر خطير جدا، يتنافي مع أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، التي تنادي بالحرية والكرامة الإنسانية، وبذلك أصبحنا في حال أسوأ مما كانت عليه الأوضاع قبل ثورة يناير، فمصر لم تجد حتى هذه اللحظة من يحنو عليها، لذا كنت أفضل أن ينأى الرئيس بنفسه عن أن يكون طرفا في مثل هذه الصراعات.

*وماذا عن قانون رؤساء الهيئات القضائية الصادر مؤخرا؟
هو أسوأ قانون صدر في تاريخ القضاء بالكامل، وحتى في عهد جمال عبد الناصر الذي ارتكب ما عرف بـ"مذبحة القضاء" لم يجرؤ على تعديل قاعدة الأقدمية بالقضاء، أما القانون الأخير فقد نزع من الجمعيات العمومية والهيئات القضائية حقها في تعيين رؤسائها، واكتفي بأن ترشح الجمعيات العمومية 3 أسماء من أقدم 7 أشخاص، بما يعنى استبعاد النظام للأسماء غير المرغوب فيها، ولهذا أطلق عليه "قانون تفصيل" وهذا تدخل سافر بين السلطات، وتغول للسلطة التنفيذية على القضائية.

*وماذا عن مشروع قانون الأزهر المقدم من النائب "محمد أبو حامد"، وخاصة بند تعيين شيخ الأزهر من قبل رئيس الجمهورية بدلا من الانتخاب من قبل هيئة العلماء؟
أعتقد أن هذا المشروع يساهم بشكل كبير في القضاء على هامش المعارضة، أو من له رأى مخالف، وبذلك تنضم مؤسسة الأزهر إلى سلسلة المصادمات التي دخلها النظام مع مؤسسات الدولة كالإعلام، والصحافة، والهيئات القضائية، وغيرها، وهذا القانون يمس بالطبع هيبة الأزهر ومكانة شيخ الأزهر، وصورة مصر الإسلامية، المفترض أن يكون بعيدا عن الدولة ولا مساس لها به أو بهدف السيطرة على كافة مفاصل الدولة، وأعتقد أن إثارة قضية شرعية الطلاق الشفوي بالونة اختبار من قبل النظام لمدى استقلالية كلمة الأزهر، وأعتقد أن رد الأزهر وقتها كان معتدلا ونابعا من فهمه الوسطي للدين،حيث أقر بشرعية الطلاق الشفوي، ولكن شدد على ضرورة توثيقه، وأنه على الدولة ألا تعترف إلا بالطلاق الموثق.


*عشرة أشهر تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية، فما رؤيتك لسير العملية الانتخابية في ظل عدم ظهور مرشحين على الساحة السياسية في مصر؟
أعتقد أن العد التنازلي للسنة الانتخابية سيبدأ في يونيو المقبل، وأظن أنها ستكون سنة حاسمة، فالمجتمع المصري يمر بحالة تجريف سياسي، في ظل تقزيم دور الأحزاب والمجتمع المدني، وهذا المناخ يؤثر بشكل سلبي على الانتخابات المقبلة، بالتالي أتساءل هل سيتحمل النظام الحالي دفع فاتورة انتخابات تقام في مناخ يفتقر إلى الشفافية، أم أنه سيجري انتخابات حرة ونزيهة؟ وكذلك هل سيتغير وضع المجتمع المدني وسنشهد تحركا للأحزاب؟ أعتقد أن هناك فرصة للتغيير الحقيقي في مصر سيتيحها صندوق الانتخابات، ولن يتم التغيير مرة أخرى من خلال الثورة على الأقل في المستقبل القريب، لذلك أعتقد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستحظي باهتمام كبير ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضا على المستوي الدولي.

*شهدت العلاقات المصرية السعودية مؤخرا تحسنا ملحوظا، فهل هذا يشير إلى توصل النظامين إلى اتفاق بشأن مواطن النزاع وخاصة ملف جزيرتي تيران وصنافير أم إلى تدخل أمريكي؟
لا تتسم العلاقات العربية- العربية والمصرية- السعودية بشكل خاص بالشفافية الكاملة، ولا يطرح على الصعيد الرسمي في كلا البلدين حقيقة ما يدور، لكن من الناحية التحليلية يمكن القول بأن تحسنا ملحوظا طرأ مؤخرا على العلاقات بين البلدين، بدليل إعادة الدفع بشحنات النفط إلى مصر مرة أخرى، بعد توقف دام نحو 6 أشهر، ولكن تجاوز الأزمة لا يعنى بالضرورة إحداث مزيد من التحسن والتوصل إلى اتفاق إستراتيجي بين البلدين، ينقذ الوطن العربي مما يعصف به من مشكلات، وإذا كان هذا التحسين نتيجة لقرار الدولتين بتجنيب مشكلة جزيرتى تيران وصنافير وعدم إثارتها على طاولة الحوار فهذا أمر جيد، خاصة أنني لا أدرك الداعي من وراء إثارة السعودية أمر الجزيرتين في هذا التوقيت بالذات.

*يعتقد بعض المحللين أن لإسرائيل يدا في تفجر أزمة "تيران وصنافير" بين مصر والسعودية، فما رأيك؟
بالتأكيد، وكنت أول من أشار إلى هذا الأمر، والدور الخفي الذي تلعبه إسرائيل لتحريك تلك القضية، بغرض الاندماج في النظام العربي بدون انتظار حل للصراع مع فلسطين، بدعوي أن هناك عدوا مشتركا بين العرب وإسرائيل وهو إيران، وبالتالي من المصلحة أن يكون هناك تعاون سني- إسرائيلي بما في ذلك تركيا لمواجهة إيران، وإسقاط ونظام ولاية الفقيه على اعتبار أن إيران السبب في إثارة المشكلات المذهبية في المنطقة، وتقف وراء الإرهاب وتغذيه، وبالطبع هذا مخطط إسرائيلي أمريكي، خاصة بعد عودة العلاقات الأمريكية الإيرانية إلى المربع صفر بعد تولى "ترامب"، فنقل السيادة المصرية على الجزيرتين إلى السعودية، يعنى أن الأخيرة ستكون ملزمة بنفس الترتيبات الأمنية المنصوص عليها بشأن المنطقة "ج"، وستدفع إسرائيل السعودية لإبرام اتفاق تلتزم فيه بأن تظل تيران وصنافير منطقة منزوعة السلاح، وهذا يعنى اعترافا ضمنيا من الجانب السعودي بالوجود الإسرائيلي وبداية للتحالف ضد إيران.

*وما مدى إمكانية تحقيق هذا التحالف على أرض الواقع، وتداعياته على العلاقات العربية- الإسرائيلية؟
إذا تمكنت إسرائيل من تحقيق هذا التحالف فإن هذا يعد المقدمة الحقيقية لإسرائيل الكبري التي تمتد من النيل إلى الفرات، وانهيار القضية الفلسطينية بشكل كامل ونهائي، وبعد أن تنجح إسرائيل في تحطيم إيران ستكون السعودية هي هدف إسرائيل التالي، للسيطرة على حقول النفط، وللأسف ما زلنا نتعاطي بسذاجة مع هذا الملف ولم نع دروس التاريخ جيدا.

*تعرضت مصر لانتقادات حادة بجلسة استماع في الكونجرس الأمريكي، وطالب البعض بوقف المساعدات الأمريكية، فما تفسيرك لهذا الهجوم رغم التقارب المصري- الأمريكي الحالي؟
يمتلك الكونجرس الأمريكي صلاحيات واسعة، ولا يتخذ قرارا دون الاستماع إلى آراء الخبراء، وبالتالي المعلومات التي قدمها الخبراء مستقاة من وسائل الإعلام المختلفة، حول وضع حقوق الإنسان والقضاء في مصر، وخاصة قضية الناشطة الحقوقية آية حجازي والطالب الإيطالي ريجيني، فيجب أن نعترف أن صورة مصر في الخارج ليست ناصعة البياض، وإذا أردنا تحسين هذه الصورة علينا النظر إلى واقعنا ومدى احترافية عمل الأجهزة الأمنية، وأوضاع السجون، وملف أعداد المسجونين، وغيرها، أما إذا اكتفينا باعتبار تلك الأطراف التي تهاجم مصر هي أعداء يعملون ضد مصلحة الوطن وكفى، فلن يتغير من الأمر شيء، فعلينا أن نرد على الأرقام بالأرقام، وعلى المعلومات بالمعلومات وعلى الأكاذيب بالحقائق.

*ما تعليقك على البيان الأخير لحركة حماس الفلسطينية، ودعوى البعض بأنه لا يختلف عن ميثاق عام 1967؟
بالتأكيد لا، ومن يقرأ بيان حماس يدرك احتواءه على نقاط كثيرة جديدة، أهمها قبول الحركة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67، وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها وثيقة عن حماس تعلن قبولها مطلب منظمة التحرير الفلسطينية، بإقامة دولة فلسطين بعد أن اعتادت عرقلة عملية التسوية، وبرأيي ستروج إسرائيل في الفترة المقبلة أن الوثيقة لم تأت بجديد، وأنه موقف تكتيكي لا يعكس أي تغير إستراتيجي في رؤية حماس للتأكيد على أنها هي المسئولة عن عرقلة عملية التسوية، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق بدليل أن إسرائيل لم تقدم أي شيء يمكن البناء عليه للتوصل إلى تسوية حقيقية بينهم وبين الفلسطينيين، ولم يصدر عن أي مسئول إسرائيلي تصريح بأنهم مستعدون للانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وهذا شرط أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في أي تسوية، لذلك فإن إسرائيل هي المسئول الأوحد عن عرقلة التسوية، وإن كانت جادة في مزاعمها لاستغلت موقف حماس الجديد، وبادرت بتقديم أطروحات جديدة للتوصل إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني.

*في رأيك هل يعتبر بيان حماس تنازلا جديدا من جانب الحركة أمام إسرائيل؟
لطالما طالبت حماس بتحرير كامل الأراضي الفلسطينية، وتعتبر فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر محتلة ومغتصبة، وإنهاء الاحتلال يعني إنهاء وجود إسرائيل من المنطقة، يقابل هذا موقف إسرائيل التي لم تعلن حدود دولتها بشكل نهائي، بل وتعتبر كل الأراضي الفلسطينية مباحة لها وتواصل التوسع والتمدد حسب قدراتها العسكرية.

*هل ثمة علاقة بين زيارة محمود عباس أبو مازن الأخيرة إلى واشنطن والتغير المفاجئ في موقف حماس؟
لا أعتقد أن الوثيقة صدرت لإرضاء أبو مازن، أو لمغازلة الأمريكان، أو كما يزعم البعض أن تلك الوثيقة جزء من "صفقة القرن" التي يعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعمل تسوية سياسية، شاملة، وكاملة لإنهاء النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبرأيي أنه لن ينجح في ذلك، نتيجة لانحيازه للجانب الإسرائيلي بشكل أكبر من أي رئيس أمريكي سابق، وكأنه يزايد على من سبقوه ليحصل على لقب "الرئيس الأكثر تأييدا لإسرائيل"، وخصوصا أن زوج ابنته يهودي صهيوني وترامب نفسه يميني متطرف.

*وماذا عن القضية الفلسطينية هل انتهت أو ماتت مع وجود دونالد ترامب بسدة حكم أمريكا؟
أري أن وجوده يقضي على أي تسوية تلوح في الأفق، وإذا تمت هذه التسوية ستكون على حساب الفلسطينيين، وتوظيف حالة الضعف العربي والانقسام الفلسطيني للحصول على تنازلات جديدة، رغم إيماني بأن ترامب لن يستطيع الوفاء بوعوده التي قطعها على نفسه الخاصة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ولكن قد يقدم على نقلها إلى القدس الغربية، على اعتبار أنها جزء من الأراضي الإسرائيلية ويعتبرها العرب جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة عقب حرب 1948، وهذا أمر خطير جدا، كما أن ترامب لا يشكل أي أداة ضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف عملية الاستيطان، بخلاف إدارة باراك أوباما التي كان لها موقف رسمي معلن رافض للاستيطان، ولكن الآن إدارة دونالد ترامب أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة نهب الأراضي الفلسطينية، ما يعنى أن أمريكا تعتبر الضفة الغربية جزءا من الأراضي الإسرائيلية، بما يقضي على أي حديث عن إقامة دولة فلسطينية حقيقية في المستقبل.

*علاقات طيبة تجمع بين العديد من الدول العربية وإدارة دونالد ترامب، فهل هذا نابع من عدم إدراكهم لحقيقة علاقته بإسرائيل؟
لا، ولكن القضية الفلسطينية الآن ليست على قائمة أولويات الأنظمة العربية، فالكل مشغول بترتيب أوراقه الداخلية، أما الأحاديث والخطابات الرسمية التي تصدر حول القضية الفلسطينية فلا تتعدي الحبر على الورق، لذلك في واقع الأمر لا يوجد تحرك عربي جاد لتوظيف الموارد العربية للضغط على الولايات الأمريكية المتحدة أو على إسرائيل للتوصل إلى تسوية عادلة للفلسطينيين، وللأسف الانقسام الفلسطيني يعطي للدول العربية ذريعة الانصراف عن القضية، ولسان حالهم إذا كان الفلسطينيون ليسوا حريصين على وحدتهم الوطنية وأراضيهم فلماذا نُطٌالب نحن بالنضال ولدينا مشاكلنا الداخلية.

*كاد المواطن العربي أن يصاب باليأس الكامل من إيجاد حل للقضية الفلسطينية، فكيف يصل الفلسطينيون إلى تسوية عادلة مع إسرائيل؟
أصيب بالفعل المواطن العربي باليأس خاصة في ظل ما يعيشه داخل وطنه من ظروف صعبة، فلم يعد هناك عدو إستراتيجي واحد يتكاتف العرب جميعا ضده كما في السابق، بعد أن طالت نيران الحرب الداخلية والإقليمية العديد من الدول العربية مثل: ليبيا، الصومال، العراق، اليمن، سوريا، وغيرها، فلا يمكن الحديث عن قضية مركزية كقضية فلسطين في ظل تلك الأوضاع رغم إيمان الشعوب العربية بأن القضية الفلسطينية عادلة والوجود الإسرائيلي دخيل على العالم العربي، لكن لا حيلة لهم في ظل انشغالهم بهمومهم اليومية الداخلية.



الجريدة الرسمية