السندريلا والطويل وإشارة المرور التي صنعت «الدنيا ربيع»!
كانت إشارة المرور بأحد شوارع حي الزمالك قد تحولت إلى اللون الأحمر.. الصدفة وحدها وراء توقف سيارة النجمة الكبيرة سعاد حسني بجوار سيارة الموسيقار الكبير كمال الطويل.. تبادلا التحية بحرارة وطلبت منه بإلحاح أن يلتقيا فهناك أمر مهم تريده أن يراه وقبل أن يتبدل لون الإشارة كان قد وعدها بالاتصال ومعرفة التفاصيل!
كان العام 74 عام وصول سعاد حسني إلى مرحلة ما بعد التألق.. كان فيلم "أميرة حبي أنا" استثمارًا للنجاح الأسطوري لـ"خلي بالك من زوزو" الذي جاء بعد عامين من قمة النضج الفني للسندريلا في "غروب وشروق"، بينما كانت فنانات أخريات يدخلن على خط النجومية.. كانت نجلاء فتحي تشق الطريق بقوة.. نجاح كبير لــ"حرامي الورقة" وتستعد لــ"بدور"، بينما نجوى إبراهيم وبعد "الأرض" و"فجر الإسلام" تستعد لــ "حتى آخر العمر" و"الرصاصة لا تزال في جيبي"، وميرفت أمين وبعد أن حلت محل شويكار في "أخطر رجل في العالم" تتألق في "الإخوة الأعداء" الذي بلغ فيه حسين فهمي نضجه كممثل يمتلك امكانيات جيدة، بينما أخرجه حسام الدين مصطفى الذي تزوج من نيللي التي تألقت هي الأخرى في فيلمها الصعب "شلة الأنس" وفيلمها الأصعب لحسام الدين مصطفى "قاع المدينة" عن قصة يوسف إدريس..
ولذلك كله كان "أميرة حبي أنا " تأكيد جماهيرية سعاد حسني واستقرارها على القمة!
اتصل كمال الطويل وقرأت له السندريلا كلمات صلاح جاهين من أغنية "الدنيا ربيع" وأبلغته أنها كانت ستتصل به، في كل الأحوال التقته صدفة أم لم تلتقه وأنها كما لو كانت ألفت خصيصًا ليلحنها، ورغم أن جاهين والطويل توءم فني يتفقان معا في السياسة قبل الفن وقدما معا أيضا أهم أعمال ثورة يوليو وزعيمها بل قربتهما تحولات السبعينيات إلى بعضهما أكثر وأكثر، فإن سرًا ما لم نعرفه وراء عرض سعاد الأغنية على الطويل وليس جاهين !
طلب الطويل يومين عاد بعدها بلحن الأغنية التي بدأها بمقدمة سعاد حسني العجيبة "تشك تشك تشك" ولا نعرف كيف فعلها هذا الملحن المبدع بينما قدمها للسينما مخرج الروائع حسن الإمام والذي ساعدته موهبة سعاد حسني جدًا، بينما نجح جدًا وقد اختار لها المكان وزوايا الكاميرا والخلفية بل أسهم فريق عمله في اختيار فستان سعاد ولونه وفي رحله إلى القناطر تم تصويرها في وقت طويل جدا وليس كما نشاهده في دقائق الفيلم..
فالسينما وكما قلنا -مرات سابقة- يستخدم فيها كاميرا تصوير واحدة، وبما يتطلب جهدًا شاقًا لتصوير كل اللقطات منفردة ثم تجميعها إلا أننا لم نشعر بذلك على الإطلاق!
الصدفة صنعت أغنية خالدة استقرت في وجدان المصريين والعرب حتى يكاد الربيع يعرف بها وتعرف به وتحولت إلى عنوان للبهجة والانطلاق وبما لا ينافسها به أغنية أخرى.. ولا ندري إن كانت الأغنية من نصيب ملحن آخر.. أو مؤلف آخر.. أو مخرج آخر.. أو نجمة أخرى.. كيف كان حالها وكيف ستكون؟! رحم الله الجميع.. وكل عام وشعبنا وأمتنا من المحيط إلى الخليج بكل خير!