رئيس التحرير
عصام كامل

هيئة كبار العلماء توثق بيانها في كتاب.. الأزهر لمشككي صحة وقوعه: الطلاق الشفوي واقع.. شومان: الإشهاد يزيد الأمور تعقيدا.. «صبح»: أقوال المخالفين «شاذة».. و«عطية» يحذر الب

فيتو

أغلق الأزهر الشريف بشكل قاطع ونهائي الباب أمام كل المشككين في بيان هيئة كبار علمائه الذي أقر بصحة وقوع الطلاق الشفوي المستوفي لأركانه وشروطه، وذلك حين وثق هذا البيان في كتاب حمل عنوان: «التقرير العلمي لهيئة كبار العلماء.. حكم الطلاق الشفوي وأثره الشرعي»، كاشفًا فيه عن الأدلة الشرعية التي استند إليها أعضاء الهيئة قبل الإعلان عن رأيهم، ومضمنًا إياه ردًا على 21 شبهة يستند إليها الداعون إلى ضرورة توثيق الطلاق وعدم الاعتداد به لفظًا، وكذلك نص حكمين لمحكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا يقننان صحة ما ذهب إليه «كبار العلماء».


افتتاحية الكتاب

الكتاب الذي يوزع مع العدد الشهري الجديد من مجلة الأزهر، يحوي 96 صفحة أربعة منها هي الافتتاحية تضمنت نص بيان هيئة كبار العلماء الصادر يوم الأحد الخامس من فبراير المنقضي، والذي أقر بصحة وقوع الطلاق الشفوي المستوفي لأركانه وشروطه، وحملت الصفحة التالية للبيان عنوان: «أسماء أعضاء هيئة كبار العلماء مرتبين وفق الترتيب الألفبائي»، ذيلت بأسماء 22 عالمًا هم عدد أعضاء الهيئة، ثم كشف الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، في 13 صفحة الأدلة الشرعية التي استند إليها أعضاء الهيئة في بيانهم التاريخي.

شومان أشار إلى أنه في إطار البحث عن حل يحد من حالات الطلاق التي زادت نتيجة عوامل كثيرة وضغوط كبيرة نظرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في إمكانية اشتراط الإشهاد على الطلاق لإيقاعه وترتب آثاره عليه وذلك لتخليص المرأة من ظلم وشك شديدين حين ينكر الزوج أنه طلق زوجته، مؤكدًا أنه: «لا شيء على الزوجة التي طلقها زوجها وأنكر الطلاق ولم يُشهد عليه سواء أكان الطلاق واقعًا شرعًا أم لا، فإن كان من إثم فهو على الزوج لا عليها؛ حيث إن الطلاق حق للرجل وما دام قد أنكره فالقول والتبعية عليه».

اختلاف الفقهاء

وكيل الأزهر سرد عقب ذلك اختلاف الفقهاء قديمًا وحديثًا حول الاعتداد بالطلاق الشفهي من عدمه، موضحًا أن جمهور الفقهاء يرون صحته فور صدوره مستوفيًا لشروطه ممن يملكه، قائلًا: «إن الجمهور ذهب إلى هذا الرأي لأن نصوص القرآن الواردة في الطلاق لم تذكر الإشهاد كشرط لصحة وقوعه، ولم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلب من مطلق في عهده أن يشهد على طلاقه»؛ ثم فند عدم صحة 5 أدلة استند إليها القائلون بضرورة الإشهاد على الطلاق كشرط لصحة وقوعه، موضحًا: «إن الأدلة العقلية والنقلية التي يستدل بها من يشترطون توثيق الإشهاد لوقوع الطلاق يعتريها الضعف والاحتمال، والدليل إذا دخله الاحتمال سقط به الاستدلال».

شومان اختتم كلماته بقوله: «إن النظر في الأدلة ومراعاة أحوال الناس في هذا الزمان لا يمنعان اشتراط الإشهاد على الطلاق ليترتب عليه آثاره إذا ثبت أن القول بذلك فيه دفع لمفاسد وجلب لمصالح، ولم يفت هذا هيئة كبار العلماء عند بحثها لهذا الأمر بحثًا مستفيضًا، إلا أنها رأت أن الرأي القائل بوجوب الإشهاد يزيد من تعقيدات الأمور من حيث أراد حلها، فقد يستخف بعض الناس بالطلاق وبدلًا من تحرجهم الآن من التلفظ به حتى في حالات الغضب الشديد حفاظًا على استمرار الحياة الزوجية، خاصة إذا كان هناك أولاد، فقد يصل الأمر إلى أن يطلق أحدهم زوجته بسبب وبدون سبب تهديدًا لها مثلًا وهو مطمئن بأن الطلاق لن يقع لعدم توافر الشهود على ذلك».

الدستورية العليا

وأفرد الكتيب 17 صفحة للمحامي رجائي عطية، ذكر فيهم نص حكمين لمحكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا يؤيدان صحة ما ذهب إليه أعضاء هيئة كبار العلماء، الحكم الأول لمحكمة النقض الصادر في 23 نوفمبر عام 1982م، والذي يقول نصه: «إنه وإن اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في اشتراط الإشهاد على الطلاق؛ غير أن أحدًا منهم لم يستلزم لوقوع الطلاق أو ثبوته أن يكون موثقًا، ولما كان ذلك وكان ما نصت عليه المادة الخامسة مكررًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 م، المضافة بالقانون رقم 44 لسنة 1979 م، من وجوب مبادرة المطلق إلى توثيق إشهار طلاقه لدى الموثق المختص لم يهدف إلى وضع قيد على حق الطلاق الذي أسنده الله تعالى للزوج أو على جواز إثباته قضًاء بكافة الطرق وإنما هدف إلى مجرد عدم سريان آثاره بالنسبة للزوجة إلا من تاريخ علمها به».

الحكم الثاني الذي خطه المحامي رجائي عطية على صفحات الكتاب هو حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 113 / 26 ق دستورية الصادر بجلسة 15 يناير لسنة 2006 م، والذي قضت فيه بعدم دستورية نص المادة ( 21 ) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بقانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 م، فيما تضمنه من قصر الاعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار على الإشهاد والتوثيق. وتم نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وصار قانونًا يتعين على كافة السلطات الالتزام به.

قانون ملزم

عطية اختتم حديثه على صفحات الكتاب بدعوته أعضاء اللجنة الدينية بمجلس النواب إلى مطالعة ودراسة حكمي محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا السابق ذكرهما، مؤكدًا: «لن يفوت اللجنة، وفيهم من درس القانون، أن حكم المحكمة الدستورية العليا الذي نشر بالجريدة الرسمية قد صار قانونًا ملزمًا لكافة سلطات الدولة، وأنه أجدى باللجنة أن تسمع لأهل العلم».

الدكتور حمدي صبح طه، عضو هيئة كبار العلماء رد في ختام الكتاب على 21 شبهة؛ يستند إليها الداعين إلى عدم وقوع الطلاق إلا بعد الإشهاد عليه وتوثيقه؛ قائلًا: «لا خلاف ولا نزاع في أن توثيق ما يقع من طلاق شفوي أمر مهم ومفيد للمجتمع، ونحن مع قانون الأحوال الشخصية المصري الذي وضع هذا الأمر في وضعه الصحيح، فقضى بأنه على المطلق أن يوثق ما وقع منه من طلاق شفوي خلال 30 يومًا من تاريخ إيقاعه الطلاق، وإنما الخلاف والنزاع في أن الطلاق الشفوي الذي يصدر من الرجل لزوجته يقع أم لا يقع إلا أن وثقه المأذون؟، فنحن وقبلنا ومعنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، من عهد نبينا صلى الله عليه وسلم، حتى الآن نقول بأنه واقع».

عضو هيئة كبار العلماء وصف رأى القائلين بإن الإشهاد والتوثيق شرط لصحة وقوع الطلاق بـ «كلام من شذ»، مؤكدًا: «ها هو كلام من شذ، وهو كلام لا يرقى إلى أن يكون شُبها، لكننا سنتسامح ونسميه شبهًا»، ساردًا 21 شبهة مع رد مفصل بالأدلة العقلية والنقلية يفند ويثبت عدم صحة الواحدة تلو الأخرى منها.
الجريدة الرسمية