أول تجربة سريرية في العالم تكتشف نظاما غذائيا يعالج الاكتئاب
أثبتت دراسة رائدة جديدة، أجريت في أستراليا، أن الغذاء الصحي هو أقوى علاج مضاد للاكتئاب.
فقد اجتذبت الدراسة التي قامت بها فيليس جاكا، الباحثة الحاصلة على درجة الدكتوراه في جامعة ديكن أستراليا، انتباه العالم إلى التأثير القوى للغذاء فى الحالة المزاجية.. وقد نشرت مجلة "بي إم سي ميدسين" الطبية، هذه الدراسة الرائدة، التي توضح للمرة الأولى أن الأشخاص الذين يعانون من معدلات تتراوح بين معتدلة إلى حادة للاكتئاب، يمكنهم تحسين حالتهم المزاجية من خلال اتباع نظام غذائي صحي.
وكان قد تم نشر العديد من دراسات مكافحة الأمراض (القائمة على البحوث المسحية) على مدى السنوات السبع الماضية، أشارت إلى أن الأشخاص الذين يتناولون غذاء غير صحي، هم الأكثر عرضة للاكتئاب، وذلك اعتمادا على إفادات هؤلاء الأشخاص.. وقد اعتمدت جميع تلك الدراسات على الاستبيانات، ولم تتضمن تجارب غذائية فعلية، بالتالي لم يكن لديها القدرة على إثبات أن النظم الغذائية غير الصحية تسبب الاكتئاب، أو إثبات أن النظم الغذائية الصحية بإمكانها علاج الاكتئاب، ولذلك اعتبرت مجرد اقتراحات أو فرضيات دراسية لم يتم اختبارها في الواقع.
وتعتبر دراسة الدكتورة جاك، دراسة رائدة لأنها قامت بتجربة سريرية فعلية للقياس وهو شيء لم يقم به أحد من قبل، حيث قامت باختبار نظرياتها على أناس يعانون فعليا من الاكتئاب وخرجت منتصرة.. فقد أجرى فريق جاك التجربة على 67 متطوعًا من الرجال والنساء من مرضى الاكتئاب تراوحت معدلات الإصابة لديهم ما بين المعتدل إلى شديد، والذين أفادوا بأنهم يتبعون نظاما غذائيا غير صحي نسبيا، وكان معظمهم يتناول مضادات الاكتئاب أو يخضعون للعلاج النفسي.
وقد وضع فريق الدراسة من الباحثين نصف المتطوعين المكتئبين تحت نظام غذائي متوسطي (ويعرف أيضًا باسم "مودي ميد")، وطلب الباحثون منهم حضور جلسات الدعم الغذائية مع إخصائي التغذية.. واستمر النصف الآخر من المتطوعين في تناول النظام غير الصحي المعتاد، ولكن طلب منهم ضرورة حضور الدعم الاجتماعي.. وقد تم تصنيف أعراض الاكتئاب عند جميع المتطوعين قبل وبعد الدراسة التي استغرقت 12 أسبوعًا، وذلك باستخدام عدة اختبارات مختلفة.
وبعد مرور 12 أسبوعًا، تحسن معدل الاكتئاب عند المشاركين في المجموعة التي تخضع للنظام الغذائي المتوسطي،مودي ميد، بنحو 11 نقطة، وانخفضت نقاط 32% من المشاركين (10 مشاركين من أصل 31) بدرجة أنها لم تعد تندرج تحت معايير الاكتئاب، كما تحسنت نقاط المشاركين في المجموعة التي اتبعت نظاما غذائيا غير صحي بنحو 4 نقاط فقط، وشهدت نسبة 8٪ فقط اختفاء الأعراض بصورة مؤقتة (لشخصين من أصل 25 شخصًا).
ويتضمن النظام الغذائي، الذي خضع له المشاركون بالدراسة، أطعمة مشجعة، مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبقوليات والحليب قليل الدسم وغير المحلى، والمكسرات الخام غير المملحة، واللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والدجاج، والسمك، البيض، وزيت الزيتون.. وأطعمة محبطة، كالحلويات والحبوب المكررة، والأطعمة المقلية والوجبات السريعة واللحوم المصنعة والمشروبات ويشترط تناول قطعتي سكر كحد أقصى في تحلية المشروبات في الأسبوع.
ولم يستطع فريق الباحثين الذين قاموا بإجراء الدراسة الإجابة عن السؤال حول ما الشيء المميز في النظام الغذائي المعزز للحالة المزاجية الإيجابية، واكتفى الباحثون بالإجابة عن هذا السؤال بأنه ربما يكون هذا النظام الغذائي غنيا ببعض المكونات ذات القوة السحرية مثل زيت الزيتون أو المكسرات.