رئيس التحرير
عصام كامل

وماذا بعد؟


ربما تلك المرة الثالثة التي أحاول أن أكتب بها ذلك المقال، وربما لا أعرف من أين أبدأ ومين أين يجب في البداية أن أتحدث، فأنا كنت اتخذت قرارًا ألا أتحدث في الأوضاع السياسية في مصر، نظرًا لأن هناك كثيرين يحزنون ويعاتبوني عندما أتحدث في السياسة!


ولكن وجدت أنه من العار عليّ ككاتب مصري قبطي مسيحي أن أرى ما يحدث لإخوتي في مصر وأصمت!، وأن أرى كم التخاذل وكم عدم اللامبالاة في ردود أفعال سواء الحكومة أو القادة الكنسيين! وكأنه أصبح مستباح دم وعرض المسيحي على أرض مصر، أو أصبح وضعًا متعارف عليه ومعروف ومتكرر، يعني من الآخر واجع دماغك ليه؟! أو على رأي فيلم سمير وشهير وبهير، لا أنا متعود أتضرب كل يوم في الشارع ويوم الخميس والجمعة بيجوا يضربوني في البيت!

في البداية دعني أخبرك عزيزي القارئ من هو القبطي المسيحي على مر التاريخ، المسيحي القبطي وبالتحديد المصري هو الذي واجه أنواعا وألوانا عدة من العقاب والاضطهاد والعذاب في مقابل أن يترك مسيحه ومعتقده ولم تهتز في رأسه شعرة واحدة وقبل أن يواجه الموت وأن يموت فداءً لمعتقده وإيمانًا به، فهو إنسان عرف من مسيحه سواء إلهًا في نظره أو نبيًا في معتقد المسلم أنه في العالم سيكون له ضيق، وأه سيأتي عليه الوقت الذي يظن فيه الذي يقتله أنه يقدم خدمة لله، وكأن الله إذا أراد أن يبيد المسيحيين أو أي فصيل من البشر لن يستطيع بكلمة من فمه!، فالإنسان الذي يفكر بتلك الطريقة لا يعرف أن الله لديه القدرة أن يقول للشيء كن فيكون!

المسيحي هو إنسان مؤمن بأن مدة عيشه على الأرض مهما طالت أو نقصت فهي في النهاية غربة وأن وطنه الحقيقي في السماء وليس هنا على الأرض، وبالعكس أيضًا تشتاق نفس أي مسيحي للسماء بمجرد أن يبدأ يتعلم ويسمع قصص القديسين، ففي كنائسنا نحتفل بذكرى استشهاد أو انتقال القديسين إلى السماء وليس بذكرى ميلادهم الأرضي، وذلك لأن الكنيسة تريد أن تعلمنا منذ الصغر بأننا لسنا من هنا ولكن من السماء وإليها نعود.

صدقني عزيزي القارئ المسيحي لا يخشى الموت ولكن كل ما أتعجب منه صمت الحكومة من الأحداث التي تحدث وتجاهلهم بأن الشعب القبطي بالتحديد عندما خرج في ثلاثين يونيو خرج من أجل السلام وتأمين كنائسه ومنازلهم من البطش الذي كان من المتوقع أن يفعله أتباع التيار الإسلامي، وأنهم عندما خرجوا في ثورة الخامس والعشرين من يناير في ٢٠١١ خرجوا من أجل إيقاف البطش الذي كان صار يحدث بشكل مستفز ورديء للأقباط دون رد واضح وصريح اتجاه ما يحدث!

وتأتي الآن بعد كل كم تلك الكوارث تقول لا بد أن نتحمل!، من الحماقة التي أجدها في البعض الذي يفرح بزيارة الرئيس للبابا في قداس العيد أو بقرار كنيسة العاصمة الجديدة!، ولا يدرون أن هذه حقوقهم الطبيعية!، أنا لا أنتقد سيادة الرئيس ولكن بالفعل الأقباط احتياجاتهم أكبر بكثير من بناء كنيسة أو زيارة قداس، فالأقباط يريدون أن يشعرون بالأمان في وطنهم وأرضهم، يشعرون بأنهم مواطنون درجة أولى من حقهم يعينون في مناصب رفيعة المستوى وليست شرفية وذلك في حالة إن وجد!

فرجاءً قبل أن تفكروا في أن تقولوا إن الأقباط شركاء في الوطن وإنهم من نسيج ذلك الوطن انظروا للحقيقة والواقع حتى لا تكونوا كاذبين وغير عادلين في نفس الوقت.
twitter.com/PaulaWagih
الجريدة الرسمية