رئيس التحرير
عصام كامل

قف.. تشريفة الست "أم أحمد"


ما الفرق بين أمى وبين أم أحمد، زوجة الرئيس الدكتور محمد مرسى، حتى تنتظرنى الأولى 8 ساعات فى طريق العودة من القاهرة إلى بلدنا فى الدقهلية، بسبب أزمات الطرق، بينما "تلطعنى" الثانية عشر دقائق فى شارع 9 بالمقطم، حتى يمر موكبها المتجه إلى مكتب الإرشاد؟..


كلاهما أولا تحمل درجة "مواطنة مصرية"، وكلاهما ثانيا أم مصرية، وكلاهما ثالثا زوجة لمواطن مصرى، وكلاهما أيضا ظلتا طوال 30 عاما من عمريهما تنوء بضيق الصدر من ضبابية المستقبل فى عيون الأبناء، فلماذا جمعتهما كل هذه الظروف، ثم يأتى اليوم الذى يفرقهما فيه حدث "حصل" فى غمضة عين، ورجفة قلب، وزلزلة أرض، تسببت فيها انتفاضة شعب يفترض أنهما ينتميان إليه؟.

من الواضح أن قصر الرئاسة وراء التفرقة الأخيرة، وهو القصر الذى كنا نسمع عنه حكايات أسطورية قبل 25 يناير 2011، فأصبح يحمل اسم "الاتحادية"، ولست أدرى سبب هذه التسمية، التى لم تشتهر، ولم يذع صيتها إلا بعد أن دخله الرئيس محمد مرسى، ومن بعده "الست أم أحمد".

شخصيا، أحترق شوقا لأن تدخل أمى هذا القصر، ولو لمرة واحدة قبل أن تموت، ولو من باب حقها فى النظر إلى رخامه وستائره وديكوراته المصنوعة من شقى عمرها وعمر عيالها وعيال أمهات مصر كلها، ومن بينهم أيضا عيال "أم أحمد"، حيث كان راتب زوجها الأستاذ الجامعى يقتطع جزء منه كضريبة دخل قبل أن يدخل قصر الرئاسة صدفة.

هذا الحديث سببه المباشر، اجترار أيام ما قبل ثورة 25 يناير، حينما كنت أقف أكثر من ساعة فى "نزلة" المقطم حيث أقيم، وأنا فى طريقى إلى وسط القاهرة، وبعد اجتياز "عنق الزجاجة"، والوصول إلى "كمين صلاح سالم"، ليجيبنى رجل المرور المسكين، بأن تشريفة السيدة الأولى "سوزان" كانت وراء طابور الذنب الذى كان يمتد من أمام سور القلعة وربما ينتهى "فووووووق" على هضبة المقطم العليا.

أعترف أننى كنت "قليل الحيا" فى حق الضابط الشاب، حيث اعترضت بأسلوب غير حضارى على توقيفى قسرا بفعل "موتوسيكل" رجل الأمن الذى تقدم "تشريفة" الست أم أحمد، وكان سبب اعتراضى طبعا، عودة المواكب التى تعيق المرور، وتجمد الحركة فى شوارع مصر الخانقة، وكان من الطبيعى أن أسأل الضابط الشاب: فيه إيه؟..

ولم أكن أتوقع أبدا أن تأتى الإجابة، بأنه موكب حرم الرئيس، ولما زمجرت وسببت "العيشة واللى عايشينها"، تعاطف الضابط الشاب معى، وقال بالحرف الواحد: أنا ذنبى إيه يا أستاذ، دا شغلى، وعموما أنا آسف.

كان من الطبيعى أن أبادر أنا برد الأسف باعتذار مبطن بالحزن للضابط الشاب، حيث شعرت من عينيه بانكسار أساسه الرفض لأن ينتهى مشوار أحلامه العريضة، وأحلام أهله، بأن يكون رجلا مغوارا بحجم "موسعاتى" لطريق "أم أحمد"، التى كان يفترض أن تتوه وسط الناس، فلا يعرفها من فى قلبه مرض.

السؤال هنا: ماذا لو لم أجد تشريفة وضابطا يعترض سيارتى فى تقاطع شارع 9 بالمقطم، هل كنت سأعرف أو يعرف غيرى بأن التى تركب السيارة السوداء، هى الست أم أحمد حرم الرئيس؟.

وهل يظن الرئيس نفسه، أن الست أم أحمد قد تكون مستهدفة؟،
أظن أنه لا أحد فى مصر يمكن أن يستهدف امرأة مصرية مسالمة، كافحت كثيرا لتربية "عيالها"، وتحقيق آمال كبيرة لم يكن من بينها أن يخرج زوجها من زحام المرور فى عهد مظلم، ليكون صانعا لزحام أصعب، وظلم أفدح، وظلام أفحم.

اللهم ارحمنا....

barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية