رئيس التحرير
عصام كامل

حتى نهزم الإرهاب !


تفجير الكنيسة البطرسية توجع له قلب مصر كلها، بل توجعت له كل نفس سوية تأبى فطرتها إزهاق الأرواح بلا ذنب، وهو ما يجب أن نقف عنده بالمراجعة والفحص حتى نخرج بدروس أقلها مضاعفة درجات الحذر والانتباه لما يراد لنا، والالتفاف حول الدولة في محنتها ومصابها.. فالإرهاب أعمى وأضل سبيلًا فلا دين له ولا عقل ولا هدف إلا الانتقام الأعمى..


وإذا كانت الأجهزة الأمنية قد توصلت بسرعة ملحوظة إلى الجاني الذي فجر نفسه بالكنيسة فسوف يظل السؤال: كيف دخل هذا الإرهابي بحزامه الناسف إلى داخل الكنيسة، في تطور نوعي ينبغي أن ننزعج منه لأنه سيظل هاجسًا يؤرقنا حتى نأمن منه ونضيق الخناق عليه ونقي بلدنا من شروره وآثامه..

لكن السؤال الأكبر الذي لا مفر منه فهو: إلى متى تستغرق الدولة وأجهزتها في الجهود الأمنية في حربها ضد الإرهابيين، وليس تغيير البيئة الفكرية والثقافية الحاضنة للإرهاب وشتان الفارق بينهما؟ شتان الفارق بين معمل التفريخ الذي ينبت في تربته كل يوم إرهابيين جددًا وبين عناصر إرهابية غُرر بها أو آمنت بأفكار مغلوطة، وإذا قضوا جاء غيرهم ما دامت التربة الحاضنة هي هي لم تتغير..

الأمر الذي فطن له الرئيس جيدًا وألمح إليه في خطابه الأخير بمناسبة المولد النبوي حين طالب بتجديد الخطاب الديني ثم فوجئ بالقائمين على شئون الخطابة والمساجد يتمخض فكرهم عن "توحيد خطبة الجمعة" على مستوى الجمهورية، وهو الإجراء الذي لم يرض عنه الرئيس، فإذا كان وزير الأوقاف لم يتفهم مغزى ما طلبه الرئيس فلماذا الإبقاء عليه في منصبه؟ وإذا كان جوهر المعركة مع الإرهاب على أرض فكرية فهل من المجدي التركيز على الجوانب الأمنية وحدها.. هل يجدي ذلك مع ما يعتقده هؤلاء الإرهابيون.. وهل يكفي لتحصين شباب الوطن ونشئه ضد رياح الفكر الإرهابي الذي يتخذ من الدين واجهة وستارًا وغاية يستحل من خلالها الأرواح والمقدرات..؟!

سنبقى ندور في حلقة مفرغة إذا اقتصرت حربنا ضد الإرهاب على تحجيم عناصر الشر وتغليظ عقوباتهم والتعجيل بتلك العقوبات على أهمية تلك الإجراءات وضرورتها القصوى.. لكن ستبقى العلة ويبقى الداء.
الجريدة الرسمية