رئيس التحرير
عصام كامل

صبيان مصر والسعودية


آفة الصحافة العربية أو بعضها أنها تزج بنفسها في معارك وهمية من شأنها صناعة حالة من الكراهية بين الشعوب، فما أن يختلف القادة العرب أو تتعارض المصالح إلا وينطلق بعضنا نهشا في بعضنا دون ضمير عربي حاكم بين الجميع، فالشعوب لا تعرف الخلافات أبدا ولا تسقط في بحر الكراهية، فلم نر في يوم من الأيام عربيا يكره شقيقه إلا بفعل التناول السطحي للأزمات بين الأنظمة والحكومات.

تضارب المصالح بين مصر والسعودية ليس وليد اليوم ولا أمس.. مصالح الدول لا يمكن أن تتطابق أبدا وتلك بديهية منطقية لا يفهما هؤلاء الذين يصطادون في الماء العكر من عينة هؤلاء الذين عايروا مصر بالمساعدات، والذين ذكروا الإخوة السعوديين بأفضال مصر عليهم.. لا هذا سعودي وطني ولا ذاك مصري أصيل.. كلاهما سطحي التناول، وقليل الخبرة، ولا يعي حجم التحديات التي تواجهها الأمة العربية.

يقول الواقع وبشفافية، إنه لاغنى لمصر عن السعودية ولا غنى للسعودية عن مصر، وفكرة الاستغناء تعنى السقوط العربى المدوي.. المواطن العربى في مكتبه أو في حقله أو في مصنعه يدرك هذه الحقيقة.. أبسط الناس يعلم أن المخطط لا يستثني أحدا، والمنطق يقول إن الغزال الشارد يسهل هضمه.

حالة من "القرف" تنتابني وأنا أتابع تلك الهجمات الإعلامية المتبادلة وهذا السفه والعته الإعلامي الذي يعري أصحابه ولا ينال من وطنين بحجم مصر والسعودية، أما معركة الريادة والقيادة فإنها متروكة للتاريخ ولكل بلد دوره سواء في محيطه الإقليمي أو الدولي، والمسألة لا تمنح بحجم التهوين من الآخر إذا كان بيننا آخر.. القضية قضية وجود.. وجود عربي ليس مصريا أو سعوديا.. قضية أبعد من هذا التعاطي الصبياني وأعمق من هذا التناول الهمجي وأخطر من ذلك التطاول الرخيص.
الجريدة الرسمية