رئيس التحرير
عصام كامل

عن حرب أكتوبر


في بعض الأحيان وبالتحديد في ذكرى أكتوبر، وبالتحديد بدقة أكبر وأنا أشاهد ما يعرض على التلفاز من مشاهد لحرب أكتوبر، ولقاءات مع أبطال الحرب، أشعر بفخرٍ عجيب، وأشعر بأن روح النصر تسري في عروقي!، ليس لانتصار الجيش المصري، بقدر ما هو متعلق بإعجابي بأن الجنود المصريين كانوا يملكون أشياء مهمة أثناء الحرب، وفي رأيي الشخصي كانت أسبابًا في أن يحققوا ذلك النجاح الساحق على العدو الصهيوني، فلولا الإيمان، العزيمة، الإرادة، التخطيط، والتخلص من سجن الماضي كان سيصبح 6 أكتوبر عيدًا للانتصار ولكن للشعب الإسرائيلي وليس للشعب المصري!


فلولا الإيمان الذي شهدناه في أن الجنود أثناء عبورهم كانوا يهتفون "الله أكبر" والذي كان يدل على مدى ثقتهم في أن الله -عز وجل-لن يتخلى عنهم، وأنه مثلما كان يقول الراحل إبراهيم الفقي -رحمة الله عليه-” متي تدرك أن الله معك، إذن أنت معك القوة العظمى"، وتلك الحقيقة كان يعلمها جيدًا أبطال أكتوبر العظماء!، وبالفعل لم يخذلهم الله وحقق لهم النصر الذي كانوا يطمحون إليه.

والعزيمة أيضًا لعبت دورًا مهمًا للغاية، فهي مثل النار، إذا اشتعلت بداخل أحد، فأنصحك بأن تشاهده وهو يحقق كل ما هو مستحيل وما لا يستطيع عقلك تخيله من الأساس، فهذه هي قوة العزيمة، بالعزيمة تستطيع أن تحول المستحيل إلى ممكن، فهي بالفعل كالمحركات الدافعة، إذا وجدت، وجدت روح القوة!

وبالطبع الإرادة لعبت دورًا هامًا في الحرب، فلولا أن الجنود أرادوا أن يسحقوا من دمر بلادهم في الخامس من يونيو عام 1967 وهجم عليهم بطريقة غير شريفة بالمرة، وزرع روح الحزن في نفوس الجنود والشعب كله، فبالتالي اشتعلت روح الإرادة في داخل نفوس الجنود وأرادوا أن يردوا لهم نفس القلم ويمكن أن نصفه بالقلم الأقوى، كي يتعلموا من جنودنا الدرس، والدرس كان هو الأخذ بالنهايات دائمًا وليست البدايات، وبالفعل تعلموا ذلك الدرس في حرب أكتوبر.

أما أكثر ما أعجبني في حرب أكتوبر، هو التخطيط الجيد للحرب، وهو ما وجدناه في تحديد الوقت جيدًا ليكون متناسبًا مع أعياد الغفران فكانوا مشغولين جدًا، فاستطاعت قواتنا الباسلة أن تفاجئهم في ذلك الحين بالصفعة القوية وهي الحرب، والتخطيط الجيد أيضًا كان في استخدام كل فرد في مكانه الذي يستطيع فعلًا لو وجد فيه، أن يساعد في تحقيق النصر وبالفعل يكون إضافة قوية للحرب، وذلك بالفعل ما ساعد في تحقيق النصر على العدو في حرب 1973.

أما الدرس الأكبر الذي وجدت جنود 1973 كانوا يعلمونه جيدًا هو أن ما مضي هو مضي فانظر أمامك واطمح للجديد، وهذا بالفعل ما حدث، ففي 1967 حدثت النكسة، وهزمت قواتنا في تلك الحرب المفاجئة، ولكن في 1973 أي بعد ست سنوات استطاعت نفس القوات التي هزمت، أن تحقق نجاحًا ساحقًا أصبح يدرس في الكليات الحربية حول العالم، لماذا؟؟، لأنهم لم يتعلقوا في خانة سجن "الماضي المستمر" وهي أنهم لو خاضوا الحرب مجددًا سيخسرون وسيحدث مثلما حدث في حرب 1967 ولكن لم يحدث هكذا، ولكن استفادوا مما حدث في النكسة وتعلموا الدرس جيدًا واستعدوا جيدًا أيضًا للحرب، وبالفعل في حرب 1973 استطاعوا أن ينفذوا كل ما تعلموه في النكسة وحققوا الانتصار، فشكرًا لتلك القوات التي حققت الانتصار، وسلامًا لروح من استشهد في حرب 1973.
Twitter.com/PaulaWagih
الجريدة الرسمية