رئيس التحرير
عصام كامل

وطب نفسا إذا حكم القضاء


يترتب على الحكم الصادر من دائرة رجال القضاء والنيابة بمحكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية فيما تضمنه من إقصاء المستشار الدكتور عبد المجيد محمود، النائب العام (الشرعى)، وتعيين المستشار طلعت عبد الله؛ النائب العام (غير الشرعى)، إشكالية قانونية كبيرة.


فالنائب العام (الشرعى) تم تعيينه بناءً على نصوص دستور 71 الملغى، والنائب العام (غير الشرعى)، تم تعيينه ضمن نصوص الإعلان الدستورى المكمل الذى أتحفنا السيد الرئيس به بعد فترة قصيرة من توليه، أما الآن وقد (طلسق) الإسلاميون الدستور الجديد، وقالت الصناديق: نعم، فنحن مجبرون على الالتزام بنصوصه التى أعتبر إحدى حسناتها القليلة (جدا) هو أنها وضعت آلية مختلفة لاختيار النائب العام تنص على أن يرشح المجلس الأعلى للقضاء ثلاثة أسماء من شيوخ القضاء ويقدمهم لرئيس الجمهورية الذى يقوم بدوره باختيار أحدهم.

وبما أن الرئيس الحالى هو محمد مرسى الابن البار لجماعة الإخوان المسلمين ومرشحها ورئيسها، فأعتقد بل أثق فى أنه سوف يضيف خطوة أخيرة إلى خطوات التعيين، وهى أنه سوف يعرض الأسماء الثلاثة على مكتب الإرشاد - الحاكم الفعلى للبلاد - والذى سوف يختار أقرب الأسماء الثلاثة لروح الجماعة!

وأتمنى أن يكون اسم المستشار الدكتور "عبد المجيد محمود" ضمن الأسماء الثلاثة المقترحة؛ لاعتبارات أدبية وليست قانونية، كما أتوقع أن يستبعد اسم المستشار طلعت عبد الله؛ لأسباب عدة، أولها أنه يبوء بسخط المصريين الذين يرون فى الإعلان الدستورى الذى أتى به إلى منصبه تعديًا فجًّا على سيادة القانون، كما أنه يبوء أيضًا بسخط أعضاء النيابة العامة الذين لم يؤيده منهم سوى 300 قاض، فى حين حاصره أكثر من ثلاثة آلاف قاض فى مكتبه، فى واقعة هى الأولى من نوعها، وأجبروه على تقديم استقالته التى قال فيما بعد أنه وقّع عليها مضطرًّا؛ لأنه أراد أن ينهى الموقف كى (يدخل الحمام)!

ولأن دخول الحمام "مش زى خروجه" فقد تراجع سيادته عن الاستقالة غير آبـهٍ بالخزى الذى سببه لنفسه، مضافًا إليه أنه أثبت فى الشهرين اللذين تولى خلالهما منصب النائب العام أنه نائب عام للنظام، وليس نائب عموم مصر المسئول عن صون أموال وأعراض وأرواح المصريين، فقد تخلى عن ضمير القاضى عندما سمح لنفسه أن يكون أداة للنظام يستهدف بها معارضيه، وعلى رأسهم رموز جبهة الإنقاذ، ويكفى أن الناشط الحقوقى الأستاذ حمدى الفخرانى قد أخلى سبيله بملبغ قدره خمسون ألف جنيه، وهو رقم مبالغ فيه جدًّا قياسًا بالحالات المماثلة.

على رئيس الجمهورية أن يتخلى عن عناده وعن توجيهات أهله وعشيرته، ويطالب النائب العام الحالى وغير الشرعى بترك منصبه تنفيذًا للحكم القضائى الذى يقضى بإلغاء قرار تعيينه، واحترامًا للقانون الذى يفترض أن يقوم هو بحمايته، وتجنيبًا لقضاء مصر من الفوضى العارمة التى سوف تشهدها قاعات المحاكم فى الفترة القادمة، فقد قام المستشار محمود حمزة منذ شهرين بالحكم ببطلان الدعوى المنظورة أمامه استنادًا إلى أن النائب العام وجوده باطل، وبالتالى وكــلاؤه، كما رفض الكثير من الحقوقيين المثول أمام النيابات المختلفة للسبب ذاته، وعلى رأسهم وكيل أول نقابة الصحفيين الأستاذ جمال فهمى..

كان هذا قبل صدور الحكم، أما بعد صدوره فقد أصبح قانونًا من حق أى محامٍ أن يدفع ببطلان تشكيل المحكمة؛ نظرًا لأن عضو النيابة الحاضر بتشكيل المحكمة وكيلًا عن نائب عام باطل.. وقد سمعت على إحدى الفضائيات أمس أن (رابطة تجار المخدرات) اتخذت قرارًا بعدم مثول أعضائها أمام أى نيابة استنادًا إلى السبب ذاته.. "ده باعتبار أن البلد ناقصة بانجو!"

الجريدة الرسمية