رئيس التحرير
عصام كامل

ضبطوه متلبسا بالإقامة في فندق.. والعياذ بالله!!


بعد ساعات من النقاشات الحامية في أروقة مجلس الوزراء، قال المهندس شريف إسماعيل بصوت رخيم متأسف..”لازم الأم تعيش، لذا فقد قررنا التضحية بالجنين“.. هكذا استقبل الرأى العام المصرى خبر استقالة خالد حنفى وزير التموين بطعم الإقالة.. لم يصدق الناس ما حدث، ولم يكن إخراج المشهد جيدا رغم وجود فنان كبير بالبرلمان في وزن خالد يوسف.. كان السيناريو هابطا إلى حد أنه أضاف للوزير شعبية أضيفت إلى شعبيته.


ربما لم يصدق الناس معركة مفتعلة حول إقامة الوزير بأحد الفنادق، إذ أن المعروف عن أجهزتنا الأمنية والمشهود لها أنها تعرف دبة النملة، بل تعرف النملة الذكر من النملة الأنثى.. لم يصدق الناس حالة الاندهاش الحكومى لأن الوزير يقيم في فندق شهير منذ توليه منصبه وحتى مغادرة موقعة شارع مجلس الأمة، إذ أن مجرد تصديق أن الحكومة مندهشة يعنى مباشرة أن أجهزتنا في “البلالة” بتضخيم الباء وحاشا لله أن تكون أجهزتنا في”التراللي“.

تقول المعلومات التي نعرفها منذ تولى الوزير منصبه: إنه يقيم بجناح ملحق به غرفة للسكرتارية، تلك الإقامة لم تكن سرية ولم يكن الفندق بأحد أطراف العاصمة ولم يكن في دولة أخرى.. الإقامة في فندق يزين ”سٌرة“ القاهرة ونيلها الخالد غير أن إثارة قضية الفندق تدفع السذج لحالة من الغضب الأعمى أكثر مما سببته قضية القمح.. الفندق نفسه يقيم به أفراد أمن تابعون لأجهزة مهمة وتحت حراسة شرطة السياحة، إضافة إلى أن الوزير ينعم مثل غيره بحكم المنصب بحراسة خاصة تابعة لوزارة الداخلية وليست تابعة للنظام الخاص للجماعة الإرهابية.

المثير أن تصنع الدهشة الحكومية واستغلال ضعاف النفوس للقيام بأدوار بطولية هي أبعد ما تكون عن حياتها الحقيقية، دفع المهندس شريف إسماعيل وبعض الكبار إلى استغلال آخر من نوعية التضحية بالجنود للإبقاء على فيل الحكومة المترنح تحت تأثير الدهشة المثيرة للسخرية.. اختاروا مقايضة البرلمان في واحدة من أسوأ معاركه الوهمية.

لم يناقش السادة أعضاء البرلمان قضايا تورط أعضائه في قضية فساد القمح ولم يناقشوا قضية سفر أعضاء منهم إلى البرازيل على نفقة اللجنة الأوليمبية، ولم يناقشوا سفر أعضائه للحج على نفقة غير نفقة البرلمان لمراقبة أداء البعثات الرسمية وخاضوا في قضية الفندق !!

حتى تاريخه، لم توجه تهمة لوزير التموين، وحتى تاريخه لم يثبت أحد أن الرجل أقام على نفقة غير نفقته، وحتى الآن خرج الوزير بتهمة الإقامة في فندق قال أحدهم إنه بخمسمائة دولار يوميا، دون أن يدرك أن الحجز عام كامل لاعلاقة له بالأسعار التي سأل عنها في الاستقبال، ودون أن نسأل: هل كان الوزير يقيم بالفندق سرا؟.. هل غافل الدولة وأقام بالفندق؟ هل تسرب من وراء ظهر الأجهزة وأقام بالفندق؟.. ثم هل الإقامة بالفنادق رجس من عمل الشيطان تسعى الحكومة للتطهر منه ومنع وزرائها من التورط فيه؟

اختصارا.. كانت لدى معلومات منذ شهرين بحت بها لأصدقاء ورفاق بأن الحكومة قرأت”فاتحة“ خالد حنفى، واختصارا رحل الوزير الوحيد الذي كانت لديه رؤية لواحد من أخطر الملفات.. ملف الفقراء، رحل خالد حنفى في عملية إعدام ممنهجة لا تستهدف الصالح العام ولا ترتبط من قريب أو بعيد بقضية الحرب على الفساد.. بعض من قاموا بأدوار البطولة في هذا الملف غارقون إلى الذقون في فساد أخطر من فساد الإقامة بفندق والعياذ بالله!!

نشر هذا المقال في العدد الورقى بتارخ 30 أغسطس 2016
الجريدة الرسمية