إمارة الشربتلى في مدينة نصر
ما أن ألقينا بالحجر الثانى في بحيرة مستعمرات الشربتلى الراكدة في مصر إلا وقد هرب الجميع خلف صمتهم.. لاذ سراج سعد الدين رئيس هيئة التنمية السياحية بالصمت، واختفى المهندس إبراهيم محلب صاحب اليد العليا في ملف الأرض المنهوبة ببر مصر.. أما حكومة شريف إسماعيل فإنها يكفيها ما تعانيه من مقايضات لوزرائها بما هو خلف الستار حتى لو جاء ذلك على حساب سمعة أعضائها.
سبعة عشر مليون متر ونصف المليون لا تزال ترزح تحت نير الاحتلال الشربتلى وما خفى كان أعظم.. وسنكشف عنه في حلقات قادمة دون استثمار حقيقى يعود على البلاد، وعليه بالنفع استثمر منها الجزء اليسير، أما الباقى فإنه في انتظار إشعار آخر تحت عنوان التسقيع الحلال وفق أجندة مماطلة لا يعرف أسرارها إلا القليل من أصحاب القرار خاصة وأن الرجل كانت تربطه علاقات وطيدة بالسيدين جمال وعلاء مبارك.
تلك العلاقة التي كانت تجعله “يحط” يده على ما يشاء من أرض، ثم تأتى بعد “الحط” إجراءات عقيمة تجعله السيد، وأصحاب الأرض هم من طبقة العبيد والسبايا.. هذه العلاقة لم تنته بالانتهاء الوهمى لعصر مبارك.. ذهب مبارك وبقى رجاله في الخدمة يمنحون ويمنعون.. مساحة ربما تعادل مساحة تيران وصنافير وفى قلب مناطق حساسة خاصة بقعة شرم الشيخ المنهى عن إجراءات التمليلك فيها لغير المصريين.
واليوم، نحن بصدد قنبلة سيتى ستار المفخخة بمدينة نصر.. سعر الدولار القافز دوما لأعلى أغرى المستثمر العربى بفرض لغته الخاصة ولم لا؟ وهو المسيطر؟.. قرر الرجل دون وازع لاحترام القواعد المتعارف عليها وبالمخالفة لقانون البنك المركزى أن يفرض على مستأجرى محاله الدفع بالدولار، أما الجنيه فقد راحت عليه ولا اعتراف للسيد المستثمر بعملة البلد الذي يستثمر فيه مهما تعالت صرخات الناس ودوت فإن صداها لن يبرح حدود مملكته التي ينعم بخيراتها وحده في ضاحية مدينة نصر.
يقول محمود يونس - محرر الشئون العقارية بفيتو: “في ظل غياب دور الحكومة الرقابى على الأسواق وترك الساحة المصرية “سداح مداح” لكل من تغريه علاقاته السياسية والدبلوماسية وأمواله تحت شعار واهم اسمه الحفاظ على الاستثمار الأجنبي، تزداد ممارسات رجل الأعمال السعودى مخالفة للقوانين المصرية وتضرب الاقتصاد المصرى في مقتل، وأبرز تلك المخالفات فرض الشربتلى قواعده الخاصة التي تحقق مصالحه وتضر بالاقتصاد الوطني، وفرض التعامل بالدولار وليس العملة الوطنية في واحد من أهم مشروعاته وهو المول التجارى الضخم سيتى ستارز”.
ويضيف يونس: إن هذا التصرف المشين يخالف قانون البنك المركزى الذي ينص على التعامل بالجنيه المصرى في السوق المصرية ويضم المول التجارى أكثر من ٥٥٠ محلا تجاريا لعدد كبير من الشركات المحلية والعالمية والتي تروج للسلع المستوردة من الخارج.
وحول أرباح المول وحجم إيراداته هناك روايتان، الأولى تقول إن أرباحه بلغت ١٤٥ مليون دولار مما يعنى أن إيرادته لا تقل عن ٣٠٠ مليون دولار.. والثانية تزعم أن إيراداته ١١٦ مليون دولار خلال عام ٢٠١٥ م بزيادة عن العام السابق له بـ ٩،٦٪ وذلك على الرغم من الأزمة الطاحنة التي يمر بها الاقتصاد المصري.
وحذر خبراء – لا يزال الكلام لمحمود يونس - من استمرار تلك الممارسات التي تهدد الاقتصاد المصرى وتخالف القانون وطالبوا بضرورة تطبيق القانون على الجميع للحد من تداعياتها الخطيرة على الاقتصاد المصرى وانتقد الخبراء تجاهل الحكومة وصمتها على هذه الممارسات التي تتم تحت سمع وبصر المسئولين دون مواجهة حقيقية حيث لم يتحرك البنك المركزى في هذه القضية حتى تاريخه”.
وسجلت أسعار إيجار المحال ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، حيث وصل سعر إيجار المتر إلى ١١٥ دولارا، بما يعادل أكثر من ألف جنيه بسعر الصرف الرسمى وألف وثلاثمائة جنيه بسعر السوق السوداء، ويضم المول ما يزيد على ٥٥٠ محلا بمساحات تتراوح ما بين ٢٠ مترا مربعا و١٠٠ متر مربع إضافة إلى أن ٩٥٪ من المحال مشغولة بالفعل، وتبقى ٥٪ تحت تصرف إدارة المول لأغراض تجارية وتحقيق أعلى مكسب منها إضافة إلى استئجار شركة “أورانج” أول أمس الأحد، لمبنى A8 بمبلغ خرافى وبالدولار أيضا دون الجنيه المصري.
على أن فرض التعامل بالدولار بالسوق المصرى مخالفة قانونية على حد قول أحمد قورة، الخبير المصرفى ورئيس مجلس إدارة البنك الوطنى المصري، حيث يخالف ذلك قانون البنك المركزى الذي ينص على التعامل في السوق المحلية بالجنيه المصري، ويمنع تقديم أي خدمة أو بيع أي سلعة بالدولار وعلى الشرطة المصرية التعامل مع المخالفين.
أضاف قورة: إن هذه المخالفات تضر بالاقتصاد المصري؛ لأنها تحول الدولار إلى سلعة تجارية وتدفعها إلى الجنون.
هذا الرأى ليس رأينا وحدنا، ولا رأى قورة وحده إنما يتفق معه الأستاذ الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، الذي أكد على أن البيع والتأجير بالدولار يضر الاقتصاد المصرى وهذه الممارسات ضد المصلحة الوطنية وتدعم السوق السوداء في ظل النقص الحاد في العملة الأجنبية، مشيرا إلى أن هذه الممارسات والتشوهات تدور وقائعها تحت سمع وبصر المسئولين، حيث يسعى المستثمر إلى تحقيق المزيد من الأرباح بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية المصرية مما يعنى استنزاف موارد الدولة الدولارية والحد من إيراداتها الدولارية.
وحذر فهمى من استمرار هذه الممارسات وتحولها إلى ظاهرة تهدد الاقتصاد المصري، وتناول فهمى قضية الأيدى المرتعشة مطالبا بالجرأة في مواجهة الأزمة.
انتهى كلام الخبراء، ولم تنته القضية، وستظل مفتوحة طالما في العمر بقية، ليبقى السؤال مطروحا.. إذا كانت أجهزة الأمن تلقى القبض على كل المتلاعبين بالدولار فلمصلحة من يترك الشربتلى هكذا طليقا، حرا، يجمع الدولارات التي يفرضها على مستأجرى سيتى ستارز الذين يجمعونها بالطبع من السوق السوداء، ليملأ خزائنه بالدولار حتى لو كان ذلك على حساب المصريين وأزمتهم.
هل يتحرك طارق عامر رئيس البنك المركزى؟ هل يتحرك رئيس الوزراء شريف إسماعيل؟ هل يتحرك اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية بأجهزته الأمنية؟ هل يتحرك ضمير صناع القرار دون أن يتصوروا أن المستثمر السعودى على رأسه ريشة تمنع من تطبيق القانون عليه، وعلى كل من يعبث بمقدرات الوطن؟.. لا أظن!!