الإعلام والأخلاق
من أول الجمل التي طرحت على سمعي في بداية طريقي في الكتابة، هي أن الكاتب الناجح هو مَن يكتب ليعبر عن نفسه فتجد الناس دواءً لحالتهم النفسية في كتاباته.
وأن الكاتب أو الصحفي أو الإعلامي أو كل من يساعد على تشكيل وعي الناس، عليه أن يساعد دائمًا في رقي فكر الناس وطريقة تفكيرهم ونظرتهم للأمور وألا يتدنى بمستواهم الفكري أو الأخلاقي!.
هذا الأسبوع وجدت أكثر من حالة غريبة أثرت أن أعرضها في السطور التالية، وأعرف جيدًا أنه ليس لي الحق أن أعترض نظرًا لحداثة سني ونظرًا لأني لم أدرس الإعلام بعد.
تناولت بعض المواقع الإلكترونية قصة إنسانة تعيش حياتها في ألمانيا ويقال إنها كانت ذكر وتحولت إلى أنثى وكلام كثير لا أريد أن أخوض فيه لأنه ليس من حقي أن أكتب عنها أي معلومة دون أن توافق هي مبدئيًا على أن أكتب عنها أي حرف! لأن آدميتها لها عليَّ الحق الكامل بأن لا أتحدث عنها أو أذكر حرف من حروف اسمها دون موافقتها مراعاة لمشاعرها! ولكن هذا ما يجهله الكثيرون !.
أريد أن أعرف ما هو وجه الاستفادة من الكتابة عن حياة إنسان آخر؟؟ لن أقول حول جنسه أو فعل أي شيء لكن سأقول فعل شيء أسعده في حياته وجعله يرتاح أكثر في حياته! هل مثلًا سيأخذ الصحفي جائزة أحسن رجل يقتحم حياة غيره! لا أعرف.
وللعلم لم تتوقف المهازل عند هذا الحد، فنحن شعب يحب دائمًا أن يفاجئك بأنه ما زال يمتلك الكثير والكثير من المهازل التي لم تكتشفها بعد! أهمها ذلك المقال الذي نشر منذ يومين تقريبًا يهاجم فيه أحد الكتاب العالم المصري عصام حجي نتيجة ترشحه في الفريق الرئاسي في 2018، وقال بالنص: "هو عصام حجي إيه غير مصوراتي أحجار؟؟".
وكي لا أفتي فيما لا أعرف كان لا بد أن أرجع إلى شخص محل ثقة ويهتم بالصحافة العلمية، فتكلمت مع الصديق والأستاذ والمعلم محمد عبد السلام والذي يهتم بكل الشئون العلمية ويبحث فيها دائمًا وينشر دائمًا مقالات تخص أشياء علمية وتعجبني للغاية.
أول شيء كان قد أخبرني به وجعلني أصعق، هو عندما أخبرني بأن التصوير الحجري هذا هو السبب في مساعدة الدكتور فاروق الباز في تصوير 11 موقعًا على القمر مؤهلًا لاستقبال المسبارات الفضائية الأمريكية بسهولة مما ساعد على توفير أموال طائلة تقدر بأربعة ملايين دولار عام 1993 طبقًا لتصريحات تشارلز بولدن في حواره معه.
ومن الأشياء المفجعة أيضًا عندما أخبرني أن مصر كانت منعت إجراء بعض الدراسات في الصحراء الغربية لتدريب دراسة أحد المسارات على منطقة تشبه المريخ مما أدى لحرمان مصر من أشياء مهمة كثيرة مثل تحويلها لمنطقة استكشاف علمي وتحويل الصحراء الغربية لمنطقة تضاهي سيرانفادي في أمريكا.
وللعلم، فضولي كان سيقتلني لو لم أكن سألته عن أهمية التصوير الحجري الفضائي ليفاجئني هو مقدمًا ليخبرني بأهميته في حياتنا!
لكن في البداية أن نعرف أن لها فوائد سواء كانت فوق الأرض أو تحت سطح الأرض أول أهمية لتلك التقنية فوق سطح الأرض هي أن أي مدينة جديدة تنشأ لا بد أن تحتاج إلى تلك التقنية لعدة أمور:
1- لأنها تحتاج معرفة الموارد المائية المتوفرة بها!
2- للتأمين الجيولوجي من الزلازل والبراكين
3- لمعرفة حركة الرياح وتأثيرها فى السكان في حالة انتشار فيروس خطير!
ومصر للأسف تفتقر لتلك التقنية في المدن الجديدة لذلك ينتهي الحال إلى تجمعات سكنية منعزلة!
أي مشروع للاستصلاح الزراعي لن ينجح دون ذلك النوع من التقنيات العلمية لأنها تحدد نوع الصخور والتربة ودرجة الملوحة والاستواء والرياح والموارد المائية، لذلك مشروع المليون ونصف المليون فدان لن ينجح دون تلك التقنية، وكي نأخذ عبرة من الماضي أخبرني أن هذا ما حدث في موضوع توشكى والعوينات ومديرية التحرير، والكثير والكثير من المشروعات!
في الدفاع والحماية، مراقبة حركة الجماعات الإسلامية في سيناء تتم عن طريق التصوير الفضائي، القمر إيجيبت سات1 قام بتصوير 5500 صورة استفادت منها القوات المسلحة والشرطة في التصدي على الإرهاب وتجارة المخدرات والسلاح!
دراسة البحر أو البر ودرجة الحرارة وكل ما يحيط بالأرض يتم من خلال التصوير الفضائي للأرض وحركتها وكل ما يحيط بها!
المفاعل النووي الجديد يحتاج أيضًا لصور فضائية بصورة مستمرة لمعرفة كل ما يحيط به من صخور وتربة مختلفة وحركة الرياح وتأثيرها فى الإشعاعات بمفاعل الضبعة!
قناة السويس تحتاج أيضًا لصور فضائية بصفة دورية للمشاريع اللوجستية حول القناة!
أما بخصوص التصوير تحت الأرض فلك أن تتخيل مثلًا أن:
1-البحث عن المعادن يتم عن طريق نوع من التصوير الفضائي الحجري تحت الأرض، ومصر لا تمتلك سوى طائرة لهيئة المواد النووية تطير على ارتفاع 11 ألف متر وتخترق الأرض بعمق 30 سنتيمترا فقط، وهو ما كشف عن المثلث الذهبي في الصحراء الشرقية.
2- اكتشاف الأنفاق في رفح يتم عن طريق طريقة أخرى من التصوير الحجري تحت الأعماق، وقد تمكنت القوات المسلحة من تدمير 3500 نفق بينها أنفاق على عمق 3 أمتار بسبب القمر "إيجيبت سات2".
ولك أن تتخيل أن الصديق محمد عبد السلام أصر أيضًا أن يصدمني عندما أخبرني أن مصر تشتري من القمر الأمريكي لاندسات والفرنسي سبوت صور فضائية كل سنة تقدر بقيمة 300 مليون دولار!
وكل الوزارات تشتري صور، الزراعة والصناعة والسياحة والإسكان والري والموارد.. الأخيرة كانت تشتري صورا خاصة بحوض النيل لدراسة تأثيرات سد النهضة فى المنطقة، ولكنها اكتشفت مؤخرا خديعة ومؤامرة خطيرة، اكتشفت أن الجانب الأمريكي يقوم بإرسال الصور دون تعديلات راديومترىة على الصور مما أظهرها مشوهة وغير مكتملة الحدود والمعالم، ما أدى إلى عدم تباين الدرجات اللونية وتداخلها وعدم وضوحها، بالرغم من أن عدد الدرجات اللونية بالقمر الصناعى الأمريكى تصل إلى 55 ألف درجة لونيةه، ما يؤدي في النهاية إلى إظهار المجسمات بنسبة لا تزيد على 33% فقط.
ولك أن تتخيل بعد كل هذا يا عزيزي، أن هناك كاتبا كبيرا، يطل علينا من خلال جريدته التي يعمل بها كي يقول إن التصوير الفضائي هذا ليس له أي فائدة من الأساس! ومن المفترض أن ينعزل عصام حجي بوظيفته تلك عنا ويركز في المسخ الذي يفعله، على حد تعبيره!.