رئيس التحرير
عصام كامل

الترابى.. مؤسس البروتستانتية الإسلامية 1


المفكر السودانى حسن الترابى يعد من أكثر المفكرين الإسلاميين إثارة للجدل، فقد أسقط حديّ الردة والرجم، وأبطل فريضة الحجاب، وأباح زواج المسلمة من الكتابى، وأنكر عصمة الأنبياء، وغير ذلك من الأفكار التى جعلته واحدا من أكثر الذين يهدمون الإسلام من الداخل.


وُلد حسن عبدالله الترابى العام 1932.. لعائلة كبيرة فى منطقة كسلا فى السودان عُرفت بالعراقة فى العلم والدين، فكان والده أحد أشهر قضاة الشرع فى عصره، وأول سودانى حاز الشهادة العالمية.

حفظ الترابى القرآن الكريم صغيرا بعدة قراءات، وتعلم علوم اللغة العربية والشريعة فى سن مبكرة على يد والده، وجمع فى مقتبل حياته أطرافا من العلوم والمعارف لم تكن ميسرة لأبناء جيله خاصة فى السودان.. فتدرج فى سلك التعليم حتى حصل على شهادة عليا فى القانون. سافر بعدها لأوروبا، وتنقل بين أكثر من بلد فيها، فنال الماجستير من جامعة لندن والدكتوراه من جامعة السوربون، وأجاد الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وحصَّل صنوفا شتى من المعارف والثقافات الغربية حتى عدّه خصومه من الإسلاميين "متغربا"، وليس" شيخا أصوليا".

فى الوقت الذى كانت تسيطر فيه أفكار سيد قطب وتفسيراتها المتعددة على عموم الحركات الإسلامية -خاصة فى المشرق العربى- وتسوقها نحو العزلة الشعورية عن مجتمعاتها «الجاهلية» كان الترابى - بحسب الباحث الراحل حسام تمام - يبشّر بنظرية «التفاعل مع المجتمع»، ويصوغ خطابا إسلاميا مغايرا بل ومفارقا للخطاب الإسلامى السائد وقتها، وهو الخطاب الذى دشنه بعدد من الكتب مثل: «الإيمان وأثره فى حياة الإنسان»، و«تجديد الفكر الإسلامي»، و«تجديد أصول الفقه»، و«قيم الدين ورسالة الفن»، و«نظرات فى الفقه السياسى»، وعدد من المحاضرات أهمها: «الحركة الإسلامية والتحديث»، و«قضايا فكرية وأصولية»، وكلها تحمل أفكارا وآراءً تؤكد أن صاحبها يمتلك مشروعا فكريا تجديديا متكاملا، لم ينل حقه من القراءة والدراسة، ليس بسبب طغيان الجانب السياسى على صاحبه -ولم يكن هو الجانب الأفضل منه بالمناسبة- الذى جعله سياسيا أكثر منه مفكرا، بل لأن هذا المشروع - وهذا هو الأرجح- يحمل آراء وأفكارا تتجاوز فى تجديدها السقف المسموح به فى الفكر الإسلامى المعاصر.

لا يتردد الترابى فى كتابه «تجديد الفكر الإسلامي» فى الهجوم على الفكر الإسلامى ووصمه بـ "الإغراق فى التجريدية، والخروج من التاريخ، والانفصال عن الواقع"، ويعتبر أن هذا الفكر «القديم» كان استجابة لعصور مضت لم تعد موجودة الآن، ومن ثمّ.. فهو بحاجة إلى" تجديد شامل يتجاوز الشكليات والمظاهر التى افتتن بها المفكرون الإسلاميون المعاصرون"، الذين لا يتردد الترابى فى الهجوم عليهم ووصفهم بالقصور وضعف القدرة على التنظير والتفكير، مثلهم مثل بقية أبناء الحركات الإسلامية التى يطولها اتهام الترابى بالجمود والقصور الفكرى، كما أن قادتها -فى رأيه- أهل ثقافة وإدارة وسياسة أكثر منهم أهل علم وتفكر وتأمل، وهو ما قد يعنى- وربما كان هذا المقصود- أحقيته بلقب المنظر والمفكر الأوحد للحركة الإسلامية؛ على الأقل فى بلده السودان.. ونكمل غدا.

من كتابى "ضد الإسلام"..الطبعة الثانية.



الجريدة الرسمية