عبد الله الذي لم يغب
في مثل هذا اليوم من عامين استيقظت صاحبة الجلالة على خبر رحيل عبد الله كمال الصحفي الذي قدم نموذجًا مهنيًا هاديًا لأجيال قادمة.. رحل عبد الله غير أنه لم يغب.. ظل كما هو منشغلًا خلف شاشة الكمبيوتر الشخصي يقرأ ملفات ويكتب أخرى ويطالع الصحافة العالمية ويرسل ناظريه عبر المستقبل ليرسم لنا ملامح كنا لا نراها إلا بعيونه.
وعبد الله كمال الكاتب المرموق ومؤسس روزاليوسف اليومية ورئيس تحرير مجلة روزاليوسف في واحدة من أهم مراحل تاريخنا وصاحب الخبطات الصحفية وناظر مدرسة المعلومة هي الأساس ومدير مؤسسة المعايير المهنية ومربى جيل من أفضل الأجيال الصحفية كان زميل دفعة ١٩٨٧م حيث تخرجنا في كلية الإعلام جامعة القاهرة أيام إن كانت للإعلام كلية واحدة وعدد من الطلاب محدود جدًا.
ومن عاش مع عبد الله سنوات الدراسة وسنوات العمل الأولى يستطيع أن يعرف لماذا رحل عبد الله مبكرا.. عبد الله كان يتعاطى الكلمة دماء في الشرايين.. يأكل قراءة ويشرب متابعة للأحداث وينام على صوت الأخبار ويصحو على هاتف يبث في أذنه سرًا كبيرًا ويصاحب الورقة ويجالس القلم.. في الصباح الباكر يكون عبد الله كمال قد انتهى من قراءة الصحافة المصرية والعربية وبعضًا من الصحف العالمية.
قبل إفطاره يكون قد أعد أجندة اليوم الصحفية.. يدخل المؤسسة وهو يلقي بتكليفاته الصحفية على الزملاء كلٌ في تخصصه وكأنه المحرر المحترف في كافة المجالات.. يدخل مكتبه.. يتواصل مع مصادره.. يكتب مزيدًا من المقالات ويحدد بعضًا من ملامح أفكار للمستقبل.. ربما يضع خطة عمل آخر كتاب له.. يومه الصحفى مبتدأ ينتظر الخبر.. يوم يبدأ وربما لم ينته حتى أنفاسه الأخيرة.
رحل عبد الله منذ عامين افتقدته كثيرا غير أنى كثيرا ما ألقاه في بعض كتبه التي تزين مكتبتي أو التقيه في ذكريات عشناها سويا أيام إن كنا نعارك من أجل البقاء أو الظهور على مسرح الحياة الصحفية.. رحل وظلت مدرسته أراها في تلاميذه الذين أحرص على التواصل معهم.. خرج من الدار الفانية إلا أننى أحرص دوما على متابعة أخباره الحية من شقيقه الصحفى الدءوب إسلام كمال.. أعرف منه أخبار زوجته العظيمة وطفلته الجميلة التي يسكن ملامحها وكأنه لايزال بيننا بلحمه وشحمه.. ألف رحمة على صديقي الذي غافلنى وتركنا -نحن أصدقاءه- دون استئذان!!