رئيس التحرير
عصام كامل

من هم الفاسدون في قصر الرئيس؟


تقريبا هي المرة الأولى التي يمتلك فيه رئيس مصري الشجاعة ليعترف على الملأ أنه اكتشف فسادا في قصره، وأظن أن المصريين استقبلوا إعلان الرئيس بذات الشجاعة، وأيقنوا أن السيسي بهذا الإعلان يؤكد كل ما تردد من معلومات عن شخصيته وإيمانه المطلق بأنه لا أحد فوق القانون بما في ذلك أقرب المقربين حتى لو كان أحد سكان قصره.


الشفافية التي أطلق شرارتها الرئيس.. أطلقت العنان لخيال المرضى أيضا ليتساءلوا: من ذلك الذي تورط في قضية فساد بقصر الرئيس؟ من ذلك الذي يمتلك شجاعة عبور الخط الأحمر في ظل حكم جاء بعد سقوط دولتين بسبب الفساد.. فساد الذمم وفساد النوايا وفساد المقاصد؟ من ذلك الذي يمتلك جرأة وشجاعة السير عكس الاتجاه في ظل رئيس يعلن يوميا أنه ضد الفساد..؟

والحقيقة أن الأسئلة وإن وردت من خيال مريض؛ فإنها أيضا حق لأصحاب الصوت الانتخابى الذين منحوا الرئيس ثقتهم وانتخبوه.. من حق الناس أن تعرف خاصة وأن الرئيس رفض مبدأ «اكفى على الخبر ماجور»، وأعلن مبدأ المحاكمة أي أن الرئيس أراد أن تكون الشفافية هي العنوان الأعرض لهذا الموقف، وبالتالى يصبح من حق المواطن أن يعرف التفاصيل..

من هم المتهمون في قضية فساد الرئاسة ؟ وكيف تم القبض عليهم؟.. وهل قبضت عليهم أجهزة الرقابة الإدارية وكيف فعلت ذلك؟ هل كانوا جماعة أم أفرادا؟ هل قُدم المتهم أو المتهمون للمحاكمة وإن كانوا قُدموا فلماذا يُحرم الناس من متابعة ذلك؟ لماذا نحول دون كمال المعلومات والجماهير؟ ما هي طبيعة قضية فساد القصر؟ رشوة.. تسهيل أعمال.. تسريب معلومات حول قرارات مهمة؟ استغلال نفوذ…؟!!

من هو المتهم ومن هم المتورطون من خارج القصر؟ من هو الطرف الآخر؟ رجل أعمال؟.. وزير ؟.. شركة، وإن كانت شركة.. شركة مصرية أم أجنبية؟ هل بطل القضية موظف كبير وإن كان، فكيف وصل لأن يصبح على هذه المسافة القريبة من الرئيس دون فحص دقيق؟ هل المتورط مستجد في الفساد؟ أغراه منصبه؟ أغرته القوة التي يتمتع بها موظف قريب من الرئيس؟

لن أتحدث عن افتكاسات من نوعية أصحاب المقام الرفيع في العلم ببواطن الأمور.. لن أتحدث كيف جاء اعتراف الرئيس بنتائج طالت الجميع ممن حوله، ونحن نحسبهم من "إشراف القوم وأطهرهم" لن أتحدث عن همزات الشياطين ولمزات المتربصين.. لن أتكلم عن سهام ألسنة المتغطرسين والشامتين.. ولن أردد ما أطلقته ماكينة الشائعات حول أفراد ومجموعات نتصور أنهم من رجال المرحلة..

بطبيعة الحال بدا الرئيس راغبا في عدم التستر على فساد، وبدا أيضا أنه يدشن لعصر فضح الفساد والفاسدين، وهو الأمر الذي يفرض على الجهاز بطل العملية أن يصدر بيانا تفصيليا عن الواقعة والمتورطين فيها، وتفاصيل ما حدث وذلك حماية للآخرين، وانطلاقا من نفس المبدأ الذي دفع الرئيس للإعلان على الملأ عن واقعة فساد في قصره.. كان على الأموال العامة أو الرقابة الإدارية أو أي جهاز شارك في عملية القبض والضبط، أن يعلن على الناس معلومات من شأنها أن تصد حرب الشائعات التي انطلقت يؤذى شررها شرفاء يخدمون الوطن.

الناس تتساءل: هل المتورط أكبر من وزير.. أهم من وزير.. وزير؟.. سبق أن قامت الرقابة الإدارية بعملية سينمائية أثناء القبض على وزير الزراعة كان لها أثران، أحدهما إيجابى بعد ضجة "القبض على الكبار"، والآخر سلبى غير أن الجميع أثنى على المتابعة ودقة الضبط.. لماذا لم تفعل الرقابة ما فعلته مع وزير الزراعة السابق؟ ولماذا لم تصدر جهة التحقيق بيانا للجماهير التي يصبح من حقها متابعة قضية أعلن عنها الرئيس في خطاب أمام الجميع.

أظن وبعض ظنى ليس إثما، أن إعلان الأسماء والتفاصيل ليس منحة ولا منة بقدر ما هو فرض عين على الجهة التي تمتلك تفاصيل العملية، حتى لا تطال الشائعات شخصيات في واحد من أهم المواقع وأكثرها حساسية.."سمعة الناس في إعلان الحقيقة كاملة"، وأعتقد أن عدم الإعلان من أصله دون تفاصيل كان أكثر حكمة من إطلاق شرارات تطال الجميع.. الجميع!!
الجريدة الرسمية