شهداؤنا الأبرار في حلوان
فجر الأحد، لم يكن مثل كل الأيام.. كانت قوى الشر الإرهابي تخطط بليل لاغتيال عدد من أبنائنا في جهاز الشرطة.. بدا من العملية أن الإرهابيين لديهم معلومات تفصيلية عن تحرك أبنائنا، وظهر بوضوح أن اختراقا للجهاز الأمني لا يقل خطورة عن اختراق دكش القليوبية لنفس الجهاز واغتيال خيرة شبابه.
اتصلت بصديقى الكاتب الصحفي معتز الحديدي، فهو واحد من أبناء حلوان الذين يعرفون دبة النملة كما يقال فيها.. تقول المعلومات إن قسم شرطة حلوان بحواجزه معلوم للكافة ومن يتحرك من داخله إلى أي منطقة بحلون، لابد وأن يسلك طرقا بعينها وليس مستعصيا أن يعلم الإرهابيون كيف ستتحرك دوريات الأمن ووجهتها.. وتشير نفس المعلومات إلى أن مقهى بجوار القسم يعتبر واحدا من أهم مراكز المعلومات عن تحركات أفراد القسم.
يعد المقهى المعروف واحدا من مواقع تلاقي أبنائنا من أمناء الشرطة.. إذا جلست عليه لوقت قليل، تستطيع أن تعرف أي تحرك من داخل القسم فهل فعلها الإرهابيون.. من تبنى العملية قال إنه حصل على معلومات تفصيلية عن تحرك القوة.. شهود العيان قالوا إن السيارة التي كانت تقل الإرهابيين عليها علم داعش، وأن العلم سقط أثناء العملية.. وقال آخرون إن العملية تمت بمدفع جرانوف.
وعلمنا من أصدقائنا أن بحلوان أكثر من منطقة خطر.. مناطق بيع السلاح وهي معلومة للجهاز الأمني، وعلمنا أيضا أن النسيج المجتمعي الحلواني يعتمد على عائلات كبيرة نافذة، وبالتالي فإن من قاموا بالعملية لابد وأن يكونوا خارج إطار هذا النسيج.. أيضا لا يمكن إغفال أن تنظيم الإخوان الإرهابي بحلوان هو الأقوى وأن الضربات الأمنية لم تستطع أن تقضى عليه حتى الآن.
ويتردد أن أبطال العملية من الإرهابيين صوروا جريمتهم كاملة مما يعني أنهم سوف يستخدمونها لرفع الروح المعنوية لأتباعهم.. خبراء أمنيون يرون أن العملية بهذا الشكل تحمل مضامين مثيرة، أولها أن الجماعات الإرهابية تريد أن تقول إنها لم تنته.. آخرون يرون أن العملية رد فعل على النجاحات التي تحققت في سيناء، ومحاولة لتخفيف الأعباء عن رفاقهم هناك، وتوقعوا عمليات أخرى مشابهة.
نقابة الصحفيين التي تعيش حالة مواجهة عنيفة مع وزارة الداخلية، تعد أول نقابة تصدر بيانا تدين فيه العملية الإرهابية.. الوطن كله في حالة استنفار بعد أن فقدنا في لحظات عشرة من خيرة أبنائنا في عملية واحدة.. جهاز المعلومات بوزارة الداخلية منوط به الآن أن يقدم تفسيرا واضحا عن نجاح الإرهابيين في القيام بعمليتهم الخسيسة.. وزارة الداخلية نفسها تفرض عليها اللحظة الآنية أن تجيب عن السؤال: هل هناك "دكش "آخر في حلوان؟!
دقة العملية وحجم خسائرنا فيها يوحي بأن طابورا خامسا لا يزال يعيش بيننا.. اختراق ما يحدث وبصورة منهجية ودائمة.. هذه المرة امتلك الإرهابيون عنصر المبادرة.. لم نفقد ضحايانا أثناء هجوم عليهم، بل هم من هاجمونا وبنسبة نجاح مزعجة.. الموقع الذي جرت فيه الجريمة.. تفاصيلها.. حجم التسليح ونوعيته حسب شهود العيان.. كلها مفردات تفرض علينا أن نكون واقعيين وأن نقدم للجماهير تفسيرات منطقية.
عشرة من الشهداء الأبرار نفقدهم في لحظة، تعد واحدة من المآسى التي لا يجب أن تمر مرور الكرام.. تغيير في المنهج والأسلوب والعودة إلى المبادرة واستخدام سلاح المعلومات هو الأهم في مواجهة تيارات لم تعد على الأطراف ووصلت إلى واحدة من مناطق القاهرة عاصمة البلاد وقلبها.. إننا أمام حدث جلل يعيدنا إلى المطالبة باعتماد إستراتيجيات متطورة لمواجهة أشباح الإرهاب وكل داعميه.. المجد للشهداء والصبر لأسرهم وإنا لله وإنا إليه راجعون.