رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة للسيسي: انصر معارضك ظالمًا أو مظلومًا!!


سيادة الرئيس:
عدم التظاهر لا يعنى الاستقرار، والنظام القوى هو الذي يقبل معارضيه ويناقشهم، ويستجيب لهم كلما قدموا حلولا أكثر قدرة على العبور بالوطن إلى مساحات من التقدم والتطور.. القبض على المتظاهرين ضعف في شرايين النظام بل وأزمة للنظام.. إن لم يعبر الناس عن غضبهم ورفضهم واعتراضهم وإن لم يحتجوا ضد المظالم فإن هذا يعنى أننا ندفع بهم دفعا للانفجار، والانفجار ليس من وسائل التغيير بل من وسائل الهدم والانقلاب.


والانفجار هو النتيجة الطبيعية لمنع الجماهير من أن تدلي بدلوها، وتستخدم كافة الوسائل السلمية للتغيير والتعبير، وتنبيه النظام وتحذيره، وتعديل بوصلته.. لا ينسى الناس في مصر أن عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع هو الذي حمل روحه على يديه مدعوما بقوى شعبية؛ لإنقاذ البلاد من كارثة اختطاف حقيقية.. والناس أيضا هم الذين فوضوه وهم الذين دعموه وهم الذين انتخبوه.. وهؤلاء أيضا يقولون الآن للرئيس إنك لابد وأن تقوى بمعارضة قوية، لأن انهيار المعارضة هو انهيار للنظام بأكمله.

سيادة الرئيس..
وذكر فقد تنفع الذكرى الجميع.. ونحن نذكرك بما حدث بعد تطور وتيرة ٢٥ يناير عندما دعا نظام مبارك معارضيه للاجتماع بالاتحادية، ذهبت كافة الأحزاب، ذهبت أحزاب الوفد والتجمع والأحرار والجيل، ذهب الإخوان أيضا.. ولم يدرك النظام أن الذين يتحركون في الشارع حتى هذه اللحظة لم يكونوا أعضاء في المعارضة.. تمكن الشعب المصرى من تكوين ظهير معارض لا يؤمن بالأحزاب التي حاصرها النظام.. اكتشف ساعتها اللواء عمر سليمان أنه يجتمع مع قادة خارج المعادلة.

بعدها طلبوا الاجتماع برؤساء التحرير «معارضة وقومية ومستقلة» وكنت واحدا منهم.. وتناقشوا مع الجميع، ثم اكتشف اللواء عمر سليمان أيضا أنه يجتمع مع وسائل إعلام خارج معادلة التأثير.. كان الشعب قد أنشأ لنفسه ميديا مختلفة.. باختصار فزع نظام مبارك، لأنه اكتشف أن نظامه بلا معارضة، فلم يجد معارضة تسانده وتدعمه وقت الأزمة.. راح النظام عندما اغتال بنفسه معارضته قبلها بسنوات.

نفس الاتهامات التي كانت توجه للمعارضة تتكرر اليوم.. "يقبضون" من الخارج، المعارضة جزء من مؤامرة كونية تستهدف مصر، الشعب يرفض مزايدات المعارضة، الشعب يحاصر المعارضين، الشرطة تواجه المتآمرين، في النهاية يقبضون على شباب غض لديه أحلام وطموحات وتصورات ووجهات تختلف مع تلك التي يطرحها النظام.

الاتهامات التي تواجه المعارضين هي ذاتها، محاولة قلب نظام الحكم رغم أنهم جزء منه، قيادة مظاهرات مناوئة للنظام، استخدام العنف وربما حيازة الأسلحة لاستخدامها ضد الممتلكات العامة والخاصة، تكدير السلم العام، وللأسف الشديد الجهاز الأمني مستعد دائما لصنع الأزمات ضد الناس، ليس الجهاز كله بالطبع، وإنما مرضاه النفسيون المنتشرون في كل مكان.

سيادة الرئيس..
إن التنكيل بالناس وتشويههم واعتبار كل معارض متآمر كارثة بكل المقاييس، والمثير أن الذين يوجههون سهامهم ضد المعارضين هم أنفسهم ابناء نظام مبارك، من صنعوا أزماته.. يصنعون الآن أيضا أزمات النظام الجديد، وبطرق بدائية وسطحية وساذجة ومستفزة.
سيادة الرئيس.. إن الحوار أول طرق دعم الديمقراطية، ولعلى أتخيلك وأنت تحاور معارضيك.. تلتقي بهم لتختلف معهم وتناقشهم، وتحاورهم وتأخذ منهم وتعطي لهم، مناقشة الشباب قضية حتمية، والشباب كل الشباب دون اختيار فئة بعينها، أو تنقية جداول أو إبعاد من سيصفهم الأمن بالمتآمرين والخونة والعملاء.. إنني اتخيلك وأنت ترفض اتهام مصري بالعمالة، أو بالعمل لصالح قوى أجنبية، اراك وانت تدافع عن معارضيك لأنهم جزء من تجربتنا الجديدة، أراك تتنصل من هؤلاء الذين يحاولون الالتصاق بنظامك وهم من بقايا عفن الماضى.

سيادة الرئيس.. ونحن نصدقك ونصدق أن المؤامرت التي تحاك ضد بلادنا تدار في عواصم عربية وغربية.. في تركيا وقطر وغيرها.. في أماكن كثيرة وبيوت الشيطان تحاصرنا.. ولأننا نصدقك فإننا نرى أن تلاحم النسيج المصري، والتقاء المؤيد والمعارض وتعميق لغة الحوار بيننا جميعا، إنما هو واحد من أهم أسلحتنا في مواجهة أية حرب قادمة.. لن تحارب وحدك، ولن تبني وحدك ولن تقوى وحدك على مواجهة تفرض علينا أن نكون يدا واحدة، واليد الواحدة لاتعني أن نستسلم لرؤية واحدة ورأي واحد.. فتقوية النظام الجديد إنما يبدأ بمعارضة قوية قبل أي شيء!.. باختصار انصر معارضك ظالما أو مظلوما!

الجريدة الرسمية