الحل السحري للصراع الطائفي
في السادس عشر من أكتوبر عام ٢٠١٢م، زار أكثر من ١٥ مسئولا ورجل أعمال مصريا طهران، في منتدى اقتصادي بين البلدين، افتتحه مساعد وزير الخارجية، على إثره دار حديث حول مستقبل العلاقات المصرية -الإيرانية، وهي العلاقات التي كانت متجمدة طوال سنوات طويلة، بسبب موقف طهران من معاهدة كامب ديفيد، بعد المنتدي لاح في الأفق أمل جديد لعلاقات عائدة بقوة بين البلدين الكبيرين، غير أن الرياح أتت بما لا تشتهى سفن البلدين.
والحديث عن عودة علاقات طبيعية بين البلدين مرتهن بالإرادة السياسية للقاهرة دون طهران؛ حيث تعلن طهران موقفها الإيجابى دوما لعودة العلاقات، غير أن القاهرة مكبلة بما لا يجب أن يكون قيدا عليها، لمصر موقف ثابت من الجزر الإماراتية، وتستطيع من خلال حوار بناء أن تحرك الساكن في هذه القضية، أيضا للإمارات علاقات اقتصادية كبيرة مع إيران، وللمملكة العربية السعودية علاقات اقتصادية متميزة أيضا.
يبقى أن يصبح لدى القاهرة إرادة حقيقية لا تتأثر بما هو حاصل الآن؛ حيث لا يجب أن تستمر حالة الاستسلام غير المبررة لأجندات أخرى، القاهرة يمكنها تقديم حلول سحرية لهذا الصراع الطائفي، الذي يتمدد من الرياض إلى طهران والعكس، مصر دولة سنية أقرب إلى الشيعة، أهلها أكثر تعلقا بآل البيت من الإيرانيين أنفسهم.. الإسلام المصري هو الأقرب إلى نفوس الإيرانيين؛ حيث لا تعصب ولا تكفير؛ حيث مكانة آل البيت في القلوب والنفوس.
التشابه بين العاصمتين أكثر من مساحات التنافر، والمصالح الاقتصادية والأدوار السياسية للبلدين يمكنهما من قيادة المنطقة إلى بر الأمان، دون استسلام للأفكار المعلبة أو المصدرة إلينا، حول التغلغل الإيرانى الذي يصور للعامة أن إيران وحش كاسر، جاء ليستولى على بلادنا، وكأننا أمة منقادة بلا إرادة، مصر قادرة على إعادة التوازن للعلاقات العربية - الإيرانية أكثر من قدرتها على استمرار تقوقعها، والسير في ذيل دول أخرى تستمد شرعيتها من توسيع هوة الخلافات الطائفية في المنطقة.
علاقات القاهرة - طهران كفيلة بإعادة الروح إلى المنطقة كلها؛ فالدولتان حضاريتان، ولديهما من القواسم التاريخية والحضارية ما يجعلهما الأكثر فاعلية في محيطهما، وتوطيد تلك العلاقات من شأنه أن يعيد الهدوء إلى واحدة من أهم مناطق العالم، وأكثرها سخونة.
ثمانية ملايين سائح إيراني على أبواب القاهرة ينتظرون موافقة السلطات، سياحة دينية متفردة يمكنها أن تغطي مناطق مهمة في مصر؛ إذ أنها تعتمد على زيارات آل البيت، وأضرحة الأولياء المنتشرة في مساحات قد تضاف إلى المشهد السياحي، باعتبارها منتجا جديدا على السوق المصري.
التردد لا يعنى إلا شيئا واحدا، هو أن القاهرة لا تمتلك إرادتها بالشكل الكافي الذي يجعلها صاحبة قرار، إيران تنفتح على أوروبا، وأمريكا تفتح أبواب العودة الطبيعية للعلاقات على مصراعيها، العالم كله يسعى إلى طهران، وهي تسعى إلى القاهرة، والقاهرة "ممسوكة" من قرارها، لا تستطيع الفكاك من قيودها.
قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي ببناء علاقات متوازنة مع إيران، ربما يكون هو الأكثر إلحاحا في الفترة القادمة، وهو الذي يمنح القاهرة مساحة أوسع من التنوع والديناميكية في عالم يتغير لحظة بعد لحظة، وبخطى متسارعة قد تتركنا في زاوية المنسيين، إن لم نفكر وبشكل إستراتيجي في مصالح مصر، ودورها الذي يجب أن تلعبه مهما كانت المحاذير، فهل يفعلها الرئيس بقرار تاريخي؟!!