حكم تاريخي وحيثيات مهمة لم ننتبه لها!

حتى لا ننسى حكما تاريخيا وحيثيات مهمة لم ننتبه لها.. فقد أهابت محكمة جنايات القاهرة في حيثيات حكمها التاريخي في 5 يونيو 2013 في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لخمسة منظمات غير حكومية عاملة في مصر بالجهات المعنية تشجيع الجمعيات الأهلية، لا سيما الحقوقية التي لا تبغي إلا الارتقاء بصرح الديمقراطية وتكريس الوعي بثقافة الحريات والحقوق بنية خالصة وبتمويل محلي لا هدف له إلا صالح البلاد والعباد أو البحث عن بدائل تمويلية أخرى أكثر شفافية وأمانًا درءًا للشبهات ومنعًا لتدخل أصحاب الأجندات في توجيه تلك الجمعيات الوطنية.

كما وضعت المحكمة في حيثيات حكمها يدها على العلة؛ إذ أكدت أن التمويل الأجنبي هو أس البلاء، فالدولة الأجنبية خصوصًا دول الغرب التي لم تكفَّر حتى هذه اللحظة عن جرائمها إبان عهود الاستعمار لا تنفق أموالها ابتغاء تحسين حالة حقوق الإنسان في بلد ما، ولا تمد يد العون لأهله رغبة في النهوض بأحوالهم بل إن التمويل شكل من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة، وهو يعد استعمارًا ناعمًا أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكري، تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبلة لهذا التمويل والتي يُراد إضعافها وتفكيكها.

وفي نهاية حيثياتها الكثيرة التي ينبغي للأجهزة المعنية دراستها جيدًا، انتهت المحكمة إلى القول إنه لا يتصور عقل ولا منطق أنه لأمريكا ولا غيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيوني أي مصلحة أو رغبة حقيقية في قيام ديمقراطية في مصر، وأن مصالح أمريكا وإسرائيل إنما تتحقق مع وجود ديكتاتوريات لا أنظمة ديمقراطية، وأن من يدفع المال إنما يدفعه لخدمة أجندته الخاصة المحددة بدقة والتي تتقاطع مع الأهداف النبيلة للمنظمات التطوعية الساعية لتوعية وتطوير المجتمع والدفاع عن حقوقه الإنسانية.
Alyhashem51253@gmail.com