عمومية الصحفيين تعكس فشل النقابات
غاب أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين عن الحضور، أمس الجمعة، وكان على جدول أعمالها التصديق على محضر الجمعية المنعقدة في مارس 2015، واعتماد الحساب الختامي، وإقرار ميزانية النقابة، ومناقشة قضايا الأجور والحريات وعلاقات العمل بالمؤسسات، وإقرار التعديلات على لائحة القيد، والإعداد لليوبيل الماسي للنقابة، ليعلن النقيب يحيى قلاش تأجيلها لـ18 مارس المقبل، لعدم اكتمال النصاب القانوني، بعد حضور 226 عضوًا من أصل 8418 عضوا.
لم تصلني دعوة بخطاب مسجل مرفق معها (CD) يتضمن تقرير مجلس النقابة والميزانية العمومية عن العام الماضي، كما ادعى مجلس النقابة الذي اكتفى برسالة بموعد الجمعية على هاتفي المحمول، وكأنني مدعو على ندوة، وتلك رسالة تذكير بموعد سماع كلمتين لضيوف المنصة بها، إلا أن جدول أعمال الجمعية والذي تضمن إشارات لمناقشة قضايا الأجور وعلاقات الصحفيين بمؤسساتهم والحريات، بدا لكثيرين وكأنه محاولة لتمرير ما يريده المجلس.
فمنذ سنوات ولا تزال قضايا حقوق الصحفيين، وتحديدًا حقوقهم في الضمان الاجتماعي والعمل اللائق لقاء أجر عادل، مسألة بعيدة تمامًا عن أجندة وأفكار مجالس النقابة المتعاقبة، والإصرار على الحديث عنها أمام مكبرات الصوت دون مواجهتها على الأرض، خاصة من قبل منتمين لتيارات سياسية فرضت وجودها على النقابة بزعم البحث عن استقلالها وخوض معارك في مواجهة الأنظمة أو الدولة، خرجت الجمعية العمومية منها خاسرة على الأغلب.
بينما تزايدت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لفئة الصحفيين بين قطاعات عديدة من المجتمع المصري رغم ثورتين، واتسعت الفجوة بين أصحاب الصحف ورؤساء التحرير وبين الصحفيين، وتراكمت أزمات المهنيين المغضوب عليهم في مناخ بات الرأي العام متهِمًا فيه أرباب المهنة بالفساد، وتطفل من تطفل عليها لتظهر تسريباته الفاضحة حول وجود علاقات مشبوهة داخل الوسط ستتأثر بها طبيعة تركيبة الجمعية العمومية بمرور الوقت بالتأكيد.
هنا لم تعد لفئة غير قليلة أن تهتم بحضور "حفل" تدعوه إليه مجالس النقابة، ولو أن موعده في غير يوم الجمعة مثلًا ربما شهد حضورًا أكبر من بعض المتعطلين عن العمل والذين أنكرت المجالس حقهم في الدفاع عن بقائهم داخل مؤسساتهم والحفاظ على ملفاتهم التأمينية قائمة والبحث عن فرص أفضل لهم لضمان العيش لهم وأسرهم، بدلًا من حالة الذل التي يركن مقهورون إليها.
وغير بعيد عن المنطق أن ينقسم مقهورون اقتصاديا واجتماعيا ما بين متجاهل للتضامن مع حق مدني وسياسي لزملاء ترفع قوائمهم ومظالمهم لجنة حريات وبيانات مجلس، وموالٍ لتيار هنا أو جماعة هناك بحثًا عن منفعة تحت ستار العمل لأجل لقمة العيش وإظهارًا لشعارات زائفة عن الأفكار والقناعات، لذا تجد درجات الاستجابة والتضامن من طرفهم ضعيفة تمامًا بل تكاد تكون معدومة.
وإذا سألت منصفًا عما أتت به المجالس المتعاقبة من حقوق لأبناء النقابة، فلن تجد سوى منحة البدل المتزايدة سنويًا والتي تستطيع أضعف مؤسسة متعثرة إيقافه لأي زميل دون تدخل نقابي ضد مجلس إدارتها، أما مشروعات النقابة القائمة بأموال أعضائها فحدث ولا حرج عن تراجعها وانعدام جدواها تباعًا، بدءًا بصندوق التكافل ذي العائد الضعيف والذي فشل مجلس إدارته في إقناع عموميته بدراسة إكتوارية جديدة، وصولًا إلى مشروعات الإسكان المتعطلة وأموالها المجمدة لأعضاء منسحبين والمعاشات ذات القيمة المنهارة، مرورًا بمشروع علاج يسمع المستفيدون منه قصائد الذم لدى أقل عيادة ومستشفى وأضعف أصحاب خدمات علاجية.
عودة النقابات لدورها الحقيقي المهني والخدمي القائم على المصلحة لكافة أعضائها هو السبيل الوحيد لاستعادة مشاركة الجمعيات العمومية في تغيير واقعها ومواجهة أزمات المهن، ودون ذلك فلتفرح مجالسها بما فعلت أيادي القائمين عليها، وتنتظر تجاهل دعواتها لأعضائها.