رئيس التحرير
عصام كامل

أبدًا لن تموت.. والتاريخ لن يرحم هؤلاء! (1)


لقد مرت مصر بانكسارات وانتصارات وثورات ومحطات فارقة في حياتها، وخرجت دائمًا منتصرة، محتفظة بشخصيتها الحضارية العصية على التذويب والاحتواء.. وهي لا تزال بروحها الحضارية وعزم أبنائها وإرادتهم قادرة على صناعة التاريخ وعبور التحديات والأزمات بالصبر والتفاؤل والأخذ بالعلم والمعرفة؛ شريطة أن يخلص كل منا وتصفو نوايانا وقلوبنا وضمائرنا، ونرجع إلى الحق، ونجعل صالح البلاد هي معيارنا الحاكم فيما نفعل وفيما نترك حتى لا نسلمها لفتنة لا تبقى ولا تذر، ولو حدث ذلك -لا قدر الله- فلن يبرئ التاريخ أحدًا لا النظام الذي سكت وسمح بذلك ولا النخبة والمعارضة وقوى المجتمع الحية التي تأخرت حركتها، وكان حريًا بها أن تكون في طليعة الجماهير لقيادتها نحو التغيير والإصلاح الحقيقي.


شتان الفارق بين جيل بنى الأهرامات، وأبهر العالم ولا يزال بعبقرية الهندسة والفلك وروح الخلود والتوحيد، وبين خلف أضاعوا الحضارة وحاول شرذمة منهم سرقة أحجار الأهرامات في غيبة الرقابة والقانون.. ورغم ذلك فلم يخل تاريخ مصر من العظمة والتفرد، فعبقرية موقعها تنعكس ولا شك على عبقرية أبنائها.. ولا يزال عطاء أرض الكنانة موصولًا يحكي قصة الصمود والنصر جيلًا بعد جيل، فقد تصدت عبر تاريخها الطويل لغزوات الاستعمار، وحفظت للأمة الإسلامية والعربية والإنسانية كلها مقومات البقاء والوحدة..

فعلها صلاح الدين الأيوبي حين تصدى لحملات الصليبيين، وفعلها قطز حين هزم التتار وحفظ للأمة وجودها وصد عنها همجية الغزاة وصلف المستعمرين، وفعلها ناصر حين نشر راية التحرر في ربوع أفريقيا والعالم العربي كله، وقاوم الاستعمار وبني السد العالي ورغم التحالفات التي تشكلت ضده ومنعت عنه التمويل والدعم وحاولت إعاقته وإثناءه عن التنفيذ، لكنه نجح بفضل إرادة الرجال وعزيمة الرجال وتوحد الشعب خلف قيادته في معركة البقاء والتحدي.

وفعلها السيسي أيضًا حين أوقد حماسة المصريين فشقوا قناة السويس الجديدة في عام واحد بتمويل وطني خالص أظهر أن روح هذا الشعب لا تموت.. قد تمرض.. قد تخفت وتتوارى لكنها أبدًا لا تموت.. وقد تجلت هذه الروح في أبهى وأعمق صورها بعد نكسة 67.. فلم يهن المصريون ولم تنكسر إرادتهم ولا استسلموا للإحباط واليأس بل قاوموا بكبرياء وقوة ورفضوا تنحي عبد الناصر وأصروا على بقاء الرمز وخاضوا سنوات مريرة من الكفاح وبناء الجيش واستنزاف العدو حتى تحقق نصر أشاد به العالم أجمع.. لا شيء إلا لوحدة الصف ووضوح الرؤية والهدف وتماسك الجبهة الداخلية ووقوف الجميع خلف القيادة على قلب رجل واحد.. فحقق المصريون معجزة لا تزال تُدرس في جامعات العالم ومعاهده العسكرية.
ونكمل غدًا..
alyhashem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية