متضامن مع بحيري وناعوت
سيادة الرئيس:
بقدر ما أحبك وأقدرك بقدر عتابي لك، فكيف تسمح في عهدك يا فخامة الرئيس بأن يسجن أصحاب الفكر وهو ما لم يحدث في أي عصر آخر؟.
بكل صراحة، لقد ظننت عندما ظهر إسلام بحيري على شاشة قناة القاهرة والناس أن هناك حربا تديرها الدولة ضد الفكر الإرهابي، المتمثل في كتب التراث وما تفعَله داعش وكل الجماعات الإرهابية بأدق تفاصيله، ولكن عندما حُكم عليه بالسجن خمس سنوات جاءتني حالة من الذهول.
ثم جاءت الطامة الكبرى بحبس الكاتبة فاطمة ناعوت بنفس السبب المحبوس بسببه إسلام بحيري، وهو ازدراء الأديان، فأي دين قد ازدروا؟
يا فخامة الرئيس:
أيها الزعيم المناضل، يا من حملت كفنك على يدك من أجل مصر، أتمنى أن تعفو عن إسلام بحيري وفاطمة ناعوت، لأنني أحبك ولا أريد أن يُقال أن في عهدك قد كُممت الأفواه وأُغلقت منابع الفكر السليم التطوري.
فأنت من طالب بالتجديد في الخطاب الديني، وإلى الآن لم نعرف أي صورة من التجديد تريدها أن تكون في الإسلام ومنابع الفكر القديم ما زالت تُدرس في المدارس، وما زالت منابعه تخرج وتسير من مكمنه وهو الأزهر الشريف.
والتجديد الذي أظنك تريده للإسلام يحتاج مئات السنين، أو طفرة في العقول، أو طفرة اقتصادية في دولة تتمسك وتكتف نفسها بكل خيوط الفقر، خائفة من أن تتحرر منه فتقع في المحذورات.
يا فخامة الرئيس أعلم جيدًا أنك تتمنى أن تعفو عن إسلام وفاطمة، ولكني أظنك تخشى من ردود الأفعال من الأزهر والسلفيين والشباب الذين اعتادوا على فكر مظلم، ظنًا منهم أنه صحيح العقيدة، وعلى تراث عفن يعتقدونه دينًا.
يا فخامة الرئيس، لا بد أن تكون هناك جهة محايدة غير الأزهر، هي التي تحكم ماإذا كان هذا ازدراء للأديان أم لا، فلا يعقل أن يكون الأزهر هو الخصم والحكم في نفس الوقت.
يا فخامة الرئيس، مصر لم ولن تتقدم إلا بأصحاب الفكر التجديدي، وعلمائها ومفكرينها وأدبائها، فلماذا كُتب علينا أن يَغتال الجهل مفكرينا وعلماءنا ويظل مُخرجًا لنا لسانه.
يا فخامة الرئيس، أنا متضامن مع بحيري وناعوت وكل صاحب قلم مبدع ومجدد، ومع كل مفكر، فأنا أقدر أن قرار العفو صعب ويحتاج إلى حسابات، ولكن أطلب أن تضعه في أولويات فخامتكم.
بقدر ما أحبك يا فخامة الرئيس، بقدر ما ينزف قلمي دمًا وأنا أكتب هذه السطور معاتبا إياك، والله حبًا وتقديرًا وليس رياء.
وفقك الله يا فخامة الرئيس وحماك من أعداء الداخل قبل الخارج.
ولك الله يا مصر