رئيس التحرير
عصام كامل

حتى لا ننسى.. في الذكرى الخامسة للثورة!


حتى لا تنسى.. فإن ثورة 25 يناير وثوارها الأبرار الذين ليس من بينهم أعضاء التيار الديني ولا المتأخونون أو المتلونون أو المتاجرون والمتآمرون.. قامت طلبًا للعدالة الاجتماعية والعيش والحرية، وهو ما لم يحققه الإخوان قطعًا حين صعدوا للحكم.. وكان أقصى ما يتمناه ثوار الشعب هو التغيير والإصلاح بلا دماء ولا هدم لأقسام الشرطة والسجون وتهريب للسجناء وإثارة الذعر في الشارع ولا التآمر لحساب المشروع المشبوه الذي ترعاه أمريكا وقطر وتركيا والذي يصب في صالح إسرائيل.. ما كان أحد الثوار ولا أشد المتشائمين بما جرى يتوقع أن تقع مصر كلها في فتنة التقسيم وتجاذبات السياسة واستقطاباتها الحادة والغرق في عواصف الهوية وصراعاتها التي ابتدعها الإخوان، وضربت بها أهم فضائل الثورة في مقتل.


لم تعرف مصر على مدى تاريخها الطويل منذ وحّدها مينا انقسامًا على أساس الدين أو العرق أو الطائفة ولا صراعًا على الهوية.. لكنها عرفته على يد الإخوان ومن لف لفهم.. ما عرفت مصر عبر تاريخها إلا الوحدة وترابط نسيجها الوطني حتى أن بريطانيا المحتلة لم تفلح مساعيها لإحداث الوقيعة بين عنصري الأمة إبان ثورة 1919 وقد رفضها المسيحيون والمسلمون على السواء؛ إذ فطن الجميع إلى المؤامرة الخبيثة بينما بلع العرب الطعم اليوم حيث يجرى الآن تفتيت دولهم بحروب المذاهب بين شيعة وسنة ومسلمين ومسيحيين أو بنوازع عرقية بين عرب وأكراد.

سرق الإخوان الثورة ومن لف لفهم من العملاء والمأجورين والخونة.. وتركوا الميادين مشتعلة بروح الثوار، وتفرغوا لأخونة المؤسسات والتكويش على السلطة.. حتى غرقت البلاد في التناحر والخلافات الأيديولوجية وغابت الحلول الوسط وحضر التطرف والتعصب للرأي والجماعة وغلب الفرز على أساس مبدأ "من ليس معي فهو ضدي" ومن ثم لم يعد هناك مجال لقبول الاختلاف والرأي الآخر ناهيك عن التسامح والاعتذار بل طمست حمى السيطرة والتدافع على السلطة ومغانم الحكم كل معالم الشخصية المصرية التي فطرت على الحب والألفة والمشاركة.

تحول المشهد السلمي المتحضر الذي ألفناه واعتدناه في مصر إلى حلبة صراع وإشعال حرائق في ثوب الوطن توجع لها ضمير مصر وكان احتراق أو حرق المجمع العلمي أشد قسوة من حريق القاهرة الأشهر.. إذ وقع الأول بأيدي شرذمة ضالة من أبناء الوطن فيما وقع الأخير بيد الأعداء الكارهين لاستقلال مصر واستقرارها.

وكلما مر يوم تزداد الحرائق بفعل دعاوي الفرقة واستعداء الآخر والعنف.. حتى صارت الانقسامات الحادة شبحًا يهدد كل بيت في مصر، تجد فيه المؤيد والمعارض ولا نزال ندفع ثمنه حتى هذه اللحظة.

ما زلنا نذكر حصار المحاكم والتشكيك في رجال القضاء واتهامهم بتسييس الأحكام حتى جرى خنق العدالة وإرهابها بحصار الدستورية العليا لمنعها من إصدار حكمها التاريخي بحل برلمان شابه البطلان في ظل حكم الإخوان.. فهل نسينا الإعلان الدستوري المشئوم الذي أصدره المعزول مرسي ليخول لنفسه سلطة مطلقة لا معقب لها ولا رقيب عليها متحديًا إرادة الشعب ودستوره فكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وبداية لوفاة دولة الإخوان التي أهدرت دولة القانون والدستور.
alyhashem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية